يَسْتَقِيمُ لِعَلِيٍّ مِنْ بَعْدِهِ ، وَقَالَ آخَرُونَ أَتَجْعَلُهُ أَحْمَقَ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّهُ مَجْنُونٌ ـ قَدْ كَادَ أَنْ يُصْرَعَ عِنْدَ امْرَأَةِ ابْنِ أَبِي كَبْشَةَ وَقَالَ الثَّالِثُ : دَعَوْهُ إِنْ شَاءَ أَنْ يَكُونَ أَحْمَقَ ـ وَإِنْ شَاءَ أَنْ يَكُونَ مَجْنُوناً! وَاللهِ مَا يَكُونُ مَا يَقُولُ أَبَداً ، فَغَضِبَ حُذَيْفَةُ مِنْ مَقَالَتِهِمْ فَرَفَعَ جَانِبَ الْخِبَاءِ ـ فَأَدْخَلَ رَأْسَهُ إِلَيْهِمْ وَقَالَ : فَعَلْتُمُوهَا وَرَسُولُ اللهِ عَلَيْهِ وَآلِهِ السَّلَامُ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ ، وَوَحْيُ اللهِ يَنْزِلُ عَلَيْكُمْ ، وَاللهِ لَأُخْبِرَنَّهُ بُكْرَةً بِمَقَالَتِكُمْ ، فَقَالُوا لَهُ : يَا بَا عَبْدِ اللهِ وَإِنَّكَ لَهَاهُنَا وَقَدْ سَمِعْتَ مَا قُلْنَا ـ اكْتُمْ عَلَيْنَا فَإِنَّ لِكُلِّ جِوَارٍ أَمَانَةً ، فَقَالَ لَهُمْ : مَا هَذَا مِنْ جِوَارِ الْأَمَانَةِ وَلَا مِنْ مَجَالِسِهَا ـ مَا نَصَحْتُ اللهَ وَرَسُولَهُ إِنْ أَنَا طَوَيْتُ عَنْهُ هَذَا الْحَدِيثَ ، فَقَالُوا لَهُ : يَا بَا عَبْدِ اللهِ فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ ـ فَوَ اللهِ لَنَحْلِفَنَّ إِنَّا لَمْ نَقُلْ ، وَأَنَّكَ قَدْ كَذَبْتَ عَلَيْنَا ـ أَفَتَرَاهُ يُصَدِّقُكَ وَيُكَذِّبُنَا وَنَحْنُ ثَلَاثَةٌ فَقَالَ لَهُمْ : أَمَّا أَنَا فَلَا أُبَالِي ـ إِذَا أَدَّيْتُ النَّصِيحَةَ إِلَى اللهِ وَإِلَى رَسُولِهِ فَقُولُوا مَا شِئْتُمْ أَنْ تَقُولُوا ، ثُمَّ مَضَى حَتَّى أَتَى رَسُولَ اللهِ ص وَعَلِيٌّ ع إِلَى جَانِبِهِ ـ مُحْتَبٍ بِحَمَائِلِ سَيْفِهِ فَأَخْبَرَهُ بِمَقَالَةِ الْقَوْمِ ، فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللهِ ص فَأَتَوْهُ فَقَالَ لَهُمْ : مَا ذَا قُلْتُمْ فَقَالُوا : وَاللهِ مَا قُلْنَا شَيْئاً فَإِنْ كُنْتَ بُلِّغْتَ عَنَّا شَيْئاً فَمَكْذُوبٌ عَلَيْنَا ، فَهَبَطَ جَبْرَئِيلُ بِهَذِهِ الْآيَةِ : (يَحْلِفُونَ بِاللهِ ما قالُوا وَلَقَدْ قالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ ـ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ وَهَمُّوا بِما لَمْ يَنالُوا) وَقَالَ عَلِيٌّ ع عِنْدَ ذَلِكَ : لِيَقُولُوا مَا شَاءُوا وَاللهِ إِنَّ قَلْبِي بَيْنَ أَضْلَاعِي ، وَإِنَّ سَيْفِي لَفِي عُنُقِي وَلَئِنْ هَمُّوا لَأَهُمَّنَّ ـ فَقَالَ جَبْرَئِيلُ لِلنَّبِيِّ ص : اصْبِرْ لِلْأَمْرِ الَّذِي هُوَ كَائِنٌ ، فَأَخْبَرَ النَّبِيُّ ص عَلِيّاً ع بِمَا أَخْبَرَهُ بِهِ جَبْرَئِيلُ ، فَقَالَ إِذاً أَصْبِرُ لِلْمَقَادِيرِ ، قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ ع : وَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْمَلَأِ شَيْخٌ : لَئِنْ كُنَّا بَيْنَ أَقْوَامِنَا كَمَا يَقُولُ هَذَا ـ لَنَحْنُ أَشَرُّ مِنَ الْحَمِيرِ ، قَالَ : وَقَالَ آخَرُ شَابٌّ إِلَى جَنْبِهِ : لَئِنْ كُنْتَ صَادِقاً لَنَحْنُ أَشَرُّ مِنَ الْحَمِيرِ (١).
٩٠ ـ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْخُزَاعِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ ع يَقُولُ لَمَّا قَالَ النَّبِيُّ ص مَا قَالَ فِي غَدِيرِ خُمٍّ ، وَصَارَ بِالْأَخْبِيَةِ (٢) مَرَّ الْمِقْدَادُ
__________________
(١) البحار ج ٩ : ٢١٠. البرهان ج ٢ : ١٤٥. ونقله المحدث الحرّ العامليّ (ره) في كتاب إثبات الهداة ٣ : ٥٤٦ عن هذا الكتاب مختصرا.
(٢) أيْ دخلوا خيامهم.