بِجَمَاعَةٍ مِنْهُمْ ـ وَهُمْ يَقُولُونَ : وَاللهِ إِنْ كُنَّا وَقَيْصَرَ لَكُنَّا فِي الْخَزِّ وَالْوَشْيِ وَالدِّيبَاجِ وَالنَّسَاجَاتِ ـ وَإِنَّا مَعَهُ فِي الْأَخْشَنِينَ نَأْكُلُ الْخَشِنَ وَنَلْبَسُ الْخَشِنَ ـ حَتَّى إِذَا دَنَى مَوْتُهُ وَفَنِيَتْ أَيَّامُهُ وَحَضَرَ أَجَلُهُ ـ أَرَادَ أَنْ يُوَلِّيَهَا عَلِيّاً مِنْ بَعْدِهِ ، أَمَا وَاللهِ لَيَعْلَمَنَّ! قَالَ : فَمَضَى الْمِقْدَادُ وَأَخْبَرَ النَّبِيَّ ص بِهِ ، فَقَالَ : الصَّلَاةَ جَامِعَةً ، قَالَ : فَقَالُوا قَدْ رَمَانَا الْمِقْدَادُ فَقُومُوا نَحْلِفُهُ عَلَيْهِ ـ قَالَ : فَجَاءُوا حَتَّى جَثَوْا بَيْنَ يَدَيْهِ (١) فَقَالُوا : بِآبَائِنَا وَأُمَّهَاتِنَا يَا رَسُولَ اللهِ ص لَا وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ ، وَالَّذِي أَكْرَمَكَ بِالنُّبُوَّةِ مَا قُلْنَا مَا بَلَغَكَ ، لَا وَالَّذِي اصْطَفَاكَ عَلَى الْبَشَرِ قَالَ : فَقَالَ النَّبِيُّ ص : («بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) (يَحْلِفُونَ بِاللهِ ما قالُوا ـ وَلَقَدْ قالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ وَهَمُّوا) بِكَ يَا مُحَمَّدُ لَيْلَةَ الْعَقَبَةِ (وَما نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْناهُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ)» كَانَ أَحَدُهُمْ يَبِيعُ الرُّءُوسَ وَآخَرُ يَبِيعُ الْكُرَاعَ ـ وَيَفْتِلُ الْقَرَامِلَ (٢) فَأَغْنَاهُمْ اللهُ بِرَسُولِهِ ، ثُمَّ جَعَلُوا حَدَّهُمْ وَحَدِيدَهُمْ عَلَيْهِ (٣).
٩١ ـ قَالَ أَبَانُ بْنُ تَغْلِبَ [عَنْهُ] لَمَّا نَصَبَ رَسُولُ اللهِ عَلِيّاً يَوْمَ غَدِيرِ خُمٍّ فَقَالَ : مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ ـ فَهَمَّ رَجُلَانِ مِنْ قُرَيْشٍ رُءُوسَهُمَا وَقَالا : وَاللهِ لَا نُسَلِّمُ لَهُ مَا قَالَ أَبَداً ـ فَأُخْبِرَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ وَآلِهِ السَّلَامُ فَسَأَلَهُمَا عَمَّا قَالا ـ فَكَذَبَا وَحَلَفَا بِاللهِ مَا قَالا شَيْئاً ، فَنَزَلَ جَبْرَئِيلُ عَلَى رَسُولِ اللهِ ع (يَحْلِفُونَ بِاللهِ ما قالُوا) [الْآيَةِ] قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ ع : لَقَدْ تَوَلَّيَا وَمَا تَابَا (٤).
٩٢ ـ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ هِلَالٍ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا ع قَالَ إِنَّ اللهَ تَعَالَى قَالَ لِمُحَمَّدٍ ص : (إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ) فَاسْتَغْفَرَ لَهُمْ مِائَةَ مَرَّةٍ لِيَغْفِرَ لَهُمْ فَأَنْزَلَ اللهُ (سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ ـ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ) وَقَالَ : (وَلا تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ أَبَداً وَلا تَقُمْ عَلى قَبْرِهِ) فَلَمْ يَسْتَغْفِرْ لَهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ
__________________
(١) أيْ جلسوا واجتمعوا.
(٢) الكراع من الدّابّة : مستدق السّاق وقيل : الكراع من الدّوابّ ما دون الكعب ومن الإنسان ما دون الرّكبة والقرامل : ما تشدّ المرأة في شعرها من الخيوط.
(٣ ـ ٤) البحار ج ٩ : ٢١١. البرهان ج ٢ : ١٤٦. إثبات الهداة ج ٣ : ٥٤٧. الصّافي ج ١ : ٧١٦.