قَالَ ثُمَّ تَكَافَحَا بِسَيْفِهِمَا مَلِيّاً (١) مِنْ نَهَارِهِمَا ـ لَا يَصِلُ وَاحِدٌ مِنْهَا إِلَى صَاحِبِهِ لِكَمَالِ اللَّأْمَةِ (٢) إِلَى أَنْ لَحَظَ الْعَبَّاسُ وَهْياً (٣) فِي دِرْعِ الشَّامِيِّ ـ فَأَهْوَى إِلَيْهِ بِيَدِهِ فَهَتَكَهُ إِلَى ثُنْدُوَتِهِ (٤) ثُمَّ عَاوَدَ لِمُجَاوَلَتِهِ وَقَدْ أَصْحَرَ لَهُ مَفْتِقُ الدِّرْعِ (٥) فَضَرَبَهُ الْعَبَّاسُ بِالسَّيْفِ فَانْتَظَمَ بِهِ جَوَانِحُ صَدْرِهِ (٦) وَخَرَّ الشَّامِيُّ صَرِيعاً بِخَدِّهِ وَأُمَّ فِي النَّاسِ (٧) وَكَبَّرَ النَّاسُ تَكْبِيرَةً ـ ارْتَجَّتْ لَهَا الْأَرْضُ فَسَمِعْتُ قَائِلاً يَقُولُ مِنْ وَرَائِي (قاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ ـ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ ـ وَيَتُوبُ اللهُ عَلى مَنْ يَشاءُ) فَالْتَفَتُّ فَإِذَا هُوَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيٌّ ع ، وَقَالَ يَا أَبَا الْأَعَزِّ مَنِ الْمُبَارِزُ لِعَدُوِّنَا قُلْتُ : هَذَا ابْنُ شَيْخِكُمْ الْعَبَّاسِ بْنِ رَبِيعَةَ ، قَالَ : يَا عَبَّاسُ قَالَ : لَبَّيْكَ ، قَالَ : أَلَمْ أَنْهَكَ وَحَسَناً وَحُسَيْناً وَعَبْدَ اللهِ بْنَ جَعْفَرٍ أَنْ تَخْلُوا بِمَرْكَزٍ أَوْ تُبَاشِرُوا حَدَثاً قَالَ : إِنَّ ذَلِكَ لِذَلِكَ (٨) قَالَ : فَمَا عَدَا مِمَّا بَدَا قَالَ : أَفَأُدْعَى إِلَى الْبِرَازِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَلَا أُجِيبَ جَعَلَنِيَ اللهُ فِدَاكَ قَالَ : نَعَمْ طَاعَةُ إِمَامِكَ أَوْلَى بِكَ مِنْ إِجَابَةِ عَدُوِّكَ ، وَدَّ مُعَاوِيَةُ أَنَّهُ مَا بَقِيَ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ نَافِخُ ضَرْمَةٍ ـ إِلَّا طَعَنَ فِي نِيطِهِ (٩) أَطْفَأَ لِنُورِ اللهِ
__________________
(١) تكافحا أيْ تضاربا والمليّ : السّاعة الطّويلة من النّهار. الزّمان الطّويل.
(٢) اللّأمة : الدّرع.
(٣) الوهي : الشّقّ في الشّيء.
(٤) هتك الثّوب : شقّه طولا. والثندوة ـ بضمّ الثّاء المثلّثة وسكون النّون وضمّ الدّالّ المهملة ـ : للرّجل بمنزلة الثّدي للمرأة.
(٥) جاوله مجاولة : دافعه وطارده. وأصحر الشّيء : أظهره ومفتق الثّوب مشقه.
(٦) الجوانح جمع الجانحة : الأضلاع تحت الترائب ممّا يلي الصّدر كالضلوع ممّا يلي الظّهر.
(٧) وفي نسخة البحار «وسمّى العبّاس».
(٨) وفي عيون الأخبار «إن ذلك «يعني نعم».
(٩) الضرمة : النّار يقال : ما بالدّار نافخ ضرمة أيّ أحد. والنيط : نياط القلب وهو العرق الّذي القلب متعلّق به فإذا طعن مات صاحبه. وقال في اللّسان بعد أن أورد هذا الحديث في مادّة «نيط» معناه : إلّا مات.