هُوَ يَرُوضُ فَرَسَهُ وَيُلَيِّنُ مِنْ عَرِيكَتِهِ (١) إِذْ هَتَفَ بِهِ هَاتِفٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ : يُقَالُ لَهُ عَرَارُ بْنُ أَدْهَمَ : يَا عَبَّاسُ هَلُمَّ إِلَى الْبِرَازِ قَالَ : فَالنُّزُولُ إِذاً فَإِنَّهُ إِيَاسٌ مِنَ الْقُفُولِ ـ قَالَ : فَنَزَلَ الشَّامِيُّ وَوَجَدَ وَهُوَ يَقُولُ :
إِنْ تَرْكَبُوا فَرُكُوبُ الْخَيْلِ عَادَتُنَا |
|
أَوْ تَنْزِلُونَ فَإِنَّا مَعْشَرٌ نُزُلٌ |
قَالَ : وَثَنَى عَبَّاسٌ رِجْلَهُ (٢) وَهُوَ يَقُولُ :
وَيَصُدُّ عَنْكَ مَخِيلَةُ الرَّجُلِ |
|
الْعَرِيْضِ (٣) مُوضِحَةً عَنِ الْعَظْمِ |
بِحُسَامِ سَفْكٍ أَوْ لِسَانِكَ |
|
وَالْكَلْمُ الْأَصِيلُ كَأَرْغَبِ الْكَلْمِ (٤) |
قَالَ : ثُمَّ عَصَبَ (٥) فَضَلَاتِ دِرْعِهِ فِي حُجْزَتِهِ (٦) ثُمَّ دَفَعَ فَرَسَهُ [قَوْسَهُ] إِلَى غُلَامٍ لَهُ ـ يُقَالُ لَهُ : أَسْلَمُ كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى قَلَائِدِ شَعْرِهِ ، وَدُلَفُ (٧) كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إِلَى صَاحِبِهِ ، قَالَ : فَذَكَرْتُ قَوْلَ أَبِي ذُؤَيْبٍ :
فَتَنَازَلَا وَتَوَاقَفَتْ خَيْلَاهُمَا |
|
وَكِلَاهُمَا بَطَلُ اللِّقَاءِ مِخْدَعٌ (٨) |
__________________
(١) كذا في الأصل وفي نسخة البرهان «فبينا هو يعبث ويليّن اه» وفي المنقول عن كتاب كشف الغمّة «فبينا هو يمغته ويلين اه» وفي عيون الأخبار لابن قتيبة ج ٢ : ٧٤ هكذا «وهو على فرس له صعب يمنعه اه» وراض الفرس : ذلّله وجعله مطيعا ومسخرا وعلمه السّير والعريكة. النّفس والطّبيعة وفلان ليّن العريكة أيّ سلس الخلق منقاد منكسر النّخوة.
(٢) وفي عيون الأخبار وركه ـ وهو ما فوق الفخذ ـ وثنّى الشّيء : عطفه.
(٣) رجل عريض : يتعرّض النّاس بالشّرّ.
(٤) حسام السّيف ـ بضمّ الحاء ـ : طرفه الّذي يضرب به.
(٥) وفي عيون الأخبار «غضن» وهو من الغضن ـ بالفتح : الكسر في الجلد والثّوب والدّرع ولكن الظّاهر هو المختار.
(٦) حجزة الإنسان : معقد السّراويل والإزار.
(٧) دلف إليه : أسرع.
(٨) وفي نسخة «فتبارزا» وقوله بطل اللّقاء أيْ عند اللّقاء. والمخدع : المجرّب للأمور. الّذي خدع في الحرب مرّة بعد مرّة حتّى حذق وصار مجربا.