ابن كثير ، وأبو عمرو ، وحمزة ، والكسائيّ : «يبشر» بفتح الياء وسكون الباء وضمّ الشين.
قوله تعالى : (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً) في سبب نزول هذه الآية ثلاثة أقوال :
(١٢٤٦) أحدها : أنّ المشركين كانوا يؤذون رسول الله صلىاللهعليهوسلم بمكّة ، فنزلت هذه الآية ، رواه الضّحّاك عن ابن عباس.
(١٢٤٧) والثاني : أنه لمّا قدم المدينة كانت تنوبه نوائب وليس في يده سعة ، فقال الأنصار : إنّ هذا الرجل قد هداكم الله به ، وليس في يده سعة ، فاجمعوا له من أموالكم ما لا يضرّكم ، ففعلوا ثم أتوه به ، فنزلت هذه الآية ، وهذا مرويّ عن ابن عباس أيضا.
(١٢٤٨) والثالث : أنّ المشركين اجتمعوا في مجمع لهم ، فقال بعضهم لبعض : أترون محمّدا يسأل على ما يتعاطاه أجرا ، فنزلت هذه الآية ، قاله قتادة.
والهاء في «عليه» كناية عمّا جاء به من الهدى. وفي الاستثناء هاهنا قولان : أحدهما : أنه من الجنس ، فعلى هذا يكون سائلا أجرا. وقد أشار ابن عباس في رواية الضّحّاك إلى هذا المعنى ، ثم قال : نسخت هذه بقوله : (قُلْ ما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ) الآية (١) ، وإلى هذا المعنى ذهب مقاتل. والثاني : أنه استثناء من غير الأول ، لأنّ الأنبياء لا يسألون على تبليغهم أجرا ، وإنما المعنى : لكنّي أذكّركم المودّة في القربى ، وقد روى هذا المعنى جماعة عن ابن عباس ، منهم العوفيّ ، وهذا اختيار المحقّقين ، وهو الصحيح ، فلا يتوجّه النّسخ أصلا.
وفي المراد بالقربى خمسة أقوال : أحدها : أنّ معنى الكلام : إلّا أن تودّوني لقرابتي منكم ، قاله ابن عباس ، وعكرمة ، ومجاهد في الأكثرين. قال ابن عباس : ولم يكن بطن من بطون قريش إلّا ولرسول الله صلىاللهعليهوسلم فيهم قرابة. والثاني : إلّا أن تودّوا قرابتي ، قاله عليّ بن الحسين ، وسعيد بن جبير ، والسّدّيّ. ثم في المراد بقرابته قولان :
(١٢٤٩) أحدهما : عليّ وفاطمة وولدها ، وقد رووه مرفوعا إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم. والثاني : أنهم الذين تحرم عليهم الصّدقة ويقسم فيهم الخمس وهم بنو هاشم وبنو المطّلب.
____________________________________
(١٢٤٦) أخرجه ابن أبي حاتم وابن مردويه كما في «الدر» ٥ / ٧٠٠ عن الضحاك عن ابن عباس ، والضحاك لم يلق ابن عباس.
(١٢٤٧) ضعيف جدا. ذكره الواحدي في «الأسباب» ٧٣٥ عن ابن عباس بدون إسناد ، وقال الحافظ في «تخريجه» ٤ / ٢٢١ ذكره الثعلبي والواحدي في «الأسباب» عن ابن عباس بغير سند ، ويشبه أن يكون عن الكلبي وعن أبي صالح اه. وهذا هو الراجح فإن الواحدي إذا وجد الكلبي في إسناد ما. فإنه يحذف الإسناد فيذكره تعليقا ليبين أنه حديث واه.
(١٢٤٨) واه ، ذكره الواحدي في «أسباب النزول» ٧٣٦ عن قتادة مرسلا ، ولم أره عن غيره ، فهو واه.
(١٢٤٩) تقدم في سورة آل عمران.
__________________
(١) قال الطبري رحمهالله في «تفسيره» ١١ / ١٤٥ : وأولى الأقوال في ذلك بالصواب ، وأشبههما بظاهر التنزيل قول من قال : معناه : قل لا أسألكم عليه أجرا يا معشر قريش إلّا أن تودوني في قرابتي منكم ، وتصلوا الرحم التي بينكم وبيني.