وَجُلُودُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (٢٠) وَقالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنا قالُوا أَنْطَقَنَا اللهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٢١) وَما كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلا أَبْصارُكُمْ وَلا جُلُودُكُمْ وَلكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللهَ لا يَعْلَمُ كَثِيراً مِمَّا تَعْمَلُونَ (٢٢) وَذلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْداكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخاسِرِينَ (٢٣) فَإِنْ يَصْبِرُوا فَالنَّارُ مَثْوىً لَهُمْ وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا فَما هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ (٢٤) وَقَيَّضْنا لَهُمْ قُرَناءَ فَزَيَّنُوا لَهُمْ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ وَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنَّهُمْ كانُوا خاسِرِينَ (٢٥))
قوله تعالى : (وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْداءُ اللهِ) وقرأ نافع : «نحشر» بالنّون «أعداء» بالنّصب. قوله تعالى : (فَهُمْ يُوزَعُونَ) أي : يحبس أوّلهم على آخرهم ليتلاحقوا. (حَتَّى إِذا ما جاؤُها) يعني النّار التي حشروا إليها (شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ) ، وفي المراد بالجلود ثلاثة أقوال : أحدها : الأيدي والأرجل. والثاني : الفروج ، رويا عن ابن عباس. والثالث : أنه الجلود نفسها ، حكاه الماوردي. وقد أخرج مسلم في أفراده من حديث أنس بن مالك قال :
(١٢٤١) كنّا عند رسول الله صلىاللهعليهوسلم فضحك فقال : «هل تدرون ممّ أضحك؟» قال : قلنا : الله ورسوله أعلم. قال : «من مخاطبة العبد ربّه ، يقول : يا ربّ ألم تجرني من الظّلم؟ قال : يقول : بلى ، قال : فيقول : فإنّي لا أجيز عليّ إلّا شاهدا منّي ، قال : فيقول : كفى بنفسك اليوم عليك شهيدا ، وبالكرام الكاتبين شهودا ، قال : فيختم على فيه ، فيقال لأركانه : انطقي ، قال : فتنطق بأعماله ، قال : ثمّ يخلّى بينه وبين الكلام ، فيقول : بعدا لكنّ وسحقا ، فعنكنّ كنت أناضل».
قوله تعالى : (قالُوا أَنْطَقَنَا اللهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ) أي : ممّا نطق. وهاهنا تمّ الكلام. وما بعده ليس من جواب الجلود.
قوله تعالى : (وَما كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلا أَبْصارُكُمْ).
(١٢٤٢) روى البخاريّ ومسلم في «الصّحيحين» من حديث ابن مسعود قال : كنت مستترا بأستار الكعبة ، فجاء ثلاثة نفر ، قرشيّ وختناه ثقفيّان ، أو ثقفيّ وختناه قرشيّان ، كثير شحم بطونهم ، قليل فقه قلوبهم ، فتكلّموا بكلام لم أسمعه ، فقال أحدهم : أترون الله يسمع كلامنا هذا؟ فقال الآخران : إنّا إذا
____________________________________
(١٢٤١) صحيح. أخرجه مسلم ٢٩٦٩ عن أبي بكر بن أبي النضر من حديث أنس. وأخرجه أبو يعلى ٣٩٧٧ وابن حبان ٧٣٥٨ والبيهقي في «الأسماء والصفات» ٤٦٧ من طرق عن أبي بكر بن أبي النضر به.
(١٢٤٢) صحيح. أخرجه البخاري ٤٨١٧ والبغوي في «التفسير» ١٨٦٤ عن الحميدي من حديث ابن مسعود.
وأخرجه البخاري ٤٨١٦ و ٧٥٢١ ومسلم ٢٧٧٥ والترمذي ٣٢٤٥ والطيالسي ١٩٧٢ والنسائي في «التفسير» ٤٨٨ والطبري ٣٠٤٩٦ والبيهقي في «الأسماء الصفات» ١٧٧ والواحدي في «أسباب النزول» ٧٣٢ من طرق عن منصور به. وأخرجه مسلم ٢٧٧٥ وأحمد ١ / ٣٨١ و ٤٢٦ و ٤٤٢ و ٤٤٤ وأبو يعلى ٥٢٠٤ والطبري ٣٠٤٩٧ والواحدي في «أسباب النزول» ٧٣٣ من طريق الأعمش عن عمارة عن عبد الرحمن بن يزيد عن ابن مسعود به. وأخرجه الحميدي ٨٧ من طريق سفيان عن ابن أبي نجيح عن مجاهد به.