الله» ، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس ، وبه قال عكرمة ، والمعنى : لا يطهّرون أنفسهم من الشّرك بالتوحيد. والثاني : لا يؤمنون بالزّكاة ولا يقرّون بها ، قاله الحسن ، وقتادة. والثالث : لا يزكّون أعمالهم ، قاله مجاهد ، والرّبيع. والرابع : لا يتصدّقون ، ولا ينفقون في الطّاعات ، قاله الضّحّاك ، ومقاتل. والخامس : لا يعطون زكاة أموالهم ، قال ابن السّائب : كانوا يحجّون ويعتمرون ولا يزكّون. قوله تعالى : (غَيْرُ مَمْنُونٍ) أي : غير مقطوع ولا منقوص.
(قُلْ أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْداداً ذلِكَ رَبُّ الْعالَمِينَ (٩) وَجَعَلَ فِيها رَواسِيَ مِنْ فَوْقِها وَبارَكَ فِيها وَقَدَّرَ فِيها أَقْواتَها فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَواءً لِلسَّائِلِينَ (١٠) ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَهِيَ دُخانٌ فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ (١١) فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحى فِي كُلِّ سَماءٍ أَمْرَها وَزَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابِيحَ وَحِفْظاً ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (١٢))
قوله تعالى : (خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ) قال ابن عباس : في يوم الأحد والاثنين ، وبه قال عبد الله بن سلام ، والسّدّيّ ، والأكثرون. وقال مقاتل : في يوم الثلاثاء والأربعاء.
(١٢٤٠) وقد أخرج مسلم في أفراده من حديث أبي هريرة قال : أخذ رسول الله صلىاللهعليهوسلم بيدي ، فقال : «خلق الله عزوجل التّربة يوم السّبت ، وخلق الجبال فيها يوم الأحد ، وخلق الشّجر فيها يوم الاثنين ، وخلق المكروه يوم الثلاثاء ، وخلق النّور يوم الأربعاء ، وبثّ فيها الدّوابّ يوم الخميس» ، وهذا الحديث يخالف ما تقدّم وهو أصحّ.
قوله تعالى : (وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْداداً) قد شرحناه في البقرة (١) ، و (ذلِكَ) الذي فعل ما ذكر (رَبُّ الْعالَمِينَ). (وَجَعَلَ فِيها رَواسِيَ) أي : جبالا ثوابت من فوق الأرض ، (وَبارَكَ فِيها) بالأشجار والثّمار والحبوب والأنهار ، وقيل : البركة فيها : أن ينمي فيها الزّرع ، فتخرج الحبّة حبّات ، والنّواة نخلة (وَقَدَّرَ فِيها أَقْواتَها) قال أبو عبيدة : هي جمع قوت ، وهي الأرزاق وما يحتاج إليه. وللمفسّرين في هذا التّقدير خمسة أقوال (٢) : أحدها : أنه شقّق الأنهار وغرس الأشجار ، قاله ابن عباس. والثاني : أنه قسم أرزاق العباد والبهائم ، قاله الحسن. والثالث : أقواتها من المطر ، قاله مجاهد. والرابع : قدّر لكلّ بلدة ما لم
____________________________________
(١٢٤٠) تقدم تخريجه في الجزء الأول ، وهو أحد الأحاديث التي تكلم فيها ، وهو في صحيح مسلم ٢٧٨٩.
__________________
مأمورا به في ابتداء البعثة ، كقوله : (وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ) فأما الزكاة ذات النصب والمقادير فإنما بيّن أمرها بالمدينة ، ويكون هذا جمعا بين القولين ، كما أن أصل الصلاة كان واجبا قبل طلوع الشمس وقبل غروبها في ابتداء البعثة ، فلما كان ليلة الإسراء قبل الهجرة بسنة ونصف فرض الله على رسوله الصلوات الخمس ، وفصّل شروطها وأركانها وما يتعلق بها بعد ذلك شيئا فشيئا ، والله أعلم.
(١) البقرة : ٢٢.
(٢) قال الطبري رحمهالله في «تفسيره» ١١ / ٩٠ : والصواب من القول في ذلك أن يقال : إن الله تعالى أخبر أنه قدّر في الأرض أقوات أهلها ، وذلك ما يقوتهم من الغذاء ، ويصلحهم من المعاش ، ولم يخصص جل ثناؤه بقوله : (وَقَدَّرَ فِيها أَقْواتَها) ، ولا قول في ذلك أصح مما قال جل ثناؤه : قدّر في الأرض أقوات أهلها لما وصفنا من العلة.