الخمر ، قاله الخليل بن أحمد. والثانية : الخالصة من الغشّ ، قاله الأخفش. والثالث : الخمر البيضاء ، قاله مقاتل. والرابع : الخمر العتيقة ، حكاه ابن قتيبة.
والقول الثاني : أنه عين في الجنة مشوبة بالمسك ، قاله الحسن.
والثالث : أنه الشراب الذي لا غشّ فيه ، قاله ابن قتيبة ، والزّجّاج.
وفي قوله عزوجل : (مَخْتُومٍ) ثلاثة أقوال : أحدها : ممزوج ، قاله ابن مسعود. والثاني : مختوم على إنائه ، وإلى نحو هذا ذهب مجاهد. والثالث : أنه ختام ، أي : عاقبة ريح ، وتلك العاقبة هي قوله عزوجل : (خِتامُهُ مِسْكٌ) ، أي عاقبته. هذا قول أبي عبيدة.
قوله : (خِتامُهُ مِسْكٌ) قرأ ابن كثير ، وعاصم ، ونافع ، وأبو عمرو ، وابن عامر ، وحمزة «ختامه» بكسر الخاء ، وبفتح التاء ، وبألف بعدهما ، مرفوعة الميم. وقرأ الكسائيّ «خاتمه» بخاء مفتوحة ، بعدها ألف ، وبعده تاء مفتوحة. وروى الشّيزري عنه «خاتمه» مثل ذلك ، إلّا أنه يكسر التاء. وقرأ أبيّ بن كعب ، وعروة ، وأبو العالية : «ختمه مسك» بفتح الخاء والتاء وبضمّ الميم من غير ألف. وللمفسّرين في قوله تعالى : (خِتامُهُ مِسْكٌ) أربعة أقوال : أحدها : خلطه مسك ، قاله ابن مسعود ، ومجاهد. والثاني : أنّ ختمه الذي يختم به الإناء مسك ، قاله ابن عباس. والثالث : أنّ طعمه وريحه مسك ، قاله علقمة. والرابع : أنّ آخر طعمه مسك ، قاله سعيد بن جبير ، والفرّاء ، وأبو عبيدة ، وابن قتيبة ، والزّجّاج في آخرين.
قوله عزوجل : (وَفِي ذلِكَ فَلْيَتَنافَسِ الْمُتَنافِسُونَ) أي : فليجدّوا في طلبه ، وليحرصوا عليه بطاعة الله. والتّنافس : كالتّشاحّ على الشيء ، والتّنازع فيه.
قوله عزوجل : (وَمِزاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ) فيه قولان : أحدهما : أنه اسم عين في الجنة ، قال ابن مسعود : وهي عين في الجنة يشربها المقرّبون صرفا ، وتمزج لأصحاب اليمين. والثاني : أنّ التّسنيم الماء ، قاله الضّحّاك. قال مقاتل : وإنما سمّي تسنيما ، لأنه يتسنّم عليه من جنّة عدن ، فينصبّ عليهم انصبابا ، فيشربون الخمر من ذلك الماء. قال ابن قتيبة : يقال : إنّ التّسنيم أرفع شراب في الجنة. ويقال : إنه يمتزج بماء ينزل من تسنيم ، أي : من علو. وأصل هذا من سنام البعير ، ومن تسنيم القبور. وهذا أعجب إليّ ، لقول المسيّب بن علس في وصف امرأة :
كأنّ بريقتها للمزاج |
|
من ثلج تسنيم شيبت عقارا |
أراد : كأنّ بريقتها عقارا شيبت للمزاج من ثلج تسنيم ، يريد : جبلا. قال الزّجّاج : المعنى : ومزاجه من تسنيم عينا تأتيهم من تسنيم ، أي : من علو يتسنّم عليهم من الغرف. ف «عينا» في هذا القول منصوبة ، كما قال عزوجل : (أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ (١٤) يَتِيماً) (١). ويجوز أن تكون «عينا» منصوبة بقوله : يسقون عينا ، أي : من عين. وقد بيّنّا معنى «يشرب بها» في «هل أتى» (٢).
(إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ (٢٩) وَإِذا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغامَزُونَ (٣٠) وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ (٣١) وَإِذا رَأَوْهُمْ قالُوا إِنَّ هؤُلاءِ لَضالُّونَ (٣٢) وَما أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حافِظِينَ (٣٣) فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ (٣٤) عَلَى الْأَرائِكِ يَنْظُرُونَ (٣٥) هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ ما كانُوا يَفْعَلُونَ (٣٦))
__________________
(١) البلد : ١٤ ـ ١٥.
(٢) الدهر : ٦.