سورة المطفّفين
وفيها ثلاثة أقوال (١) : أحدها : أنها مكّيّة ، قاله ابن مسعود ، والضّحّاك ، ويحيى بن سلام. والثاني : مدنيّة ، قاله ابن عباس ، والحسن ، وعكرمة ، وقتادة ، ومقاتل ، إلّا أنّ ابن عباس ، وقتادة قالا : فيها ثمان آيات مكيّة ، من قوله عزوجل : (إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا) (٢) إلى آخرها. وقال مقاتل : فيها آية مكّيّة ، وهي قوله عزوجل : (إِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا قالَ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ) (٣). والثالث : أنها نزلت بين مكّة ، والمدينة ، قاله جابر بن زيد وابن السّائب ، وذكر هبة الله بن سلامة المفسّر أنها نزلت في الهجرة بين مكّة والمدينة ، نصفها يقارب مكّة ، ونصفها يقارب المدينة.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ (١) الَّذِينَ إِذَا اكْتالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ (٢) وَإِذا كالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ (٣) أَلا يَظُنُّ أُولئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ (٤) لِيَوْمٍ عَظِيمٍ (٥) يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ (٦))
قوله عزوجل : (وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ).
(١٥١٧) قال ابن عباس : لمّا قدم رسول الله صلىاللهعليهوسلم المدينة كانوا من أخبث الناس كيلا ، فأنزل الله تعالى : (وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ) فأحسنوا الكيل بعد ذلك.
وقال السّدّيّ : قدم رسول الله صلىاللهعليهوسلم المدينة ، وبها رجل يقال له : أبو جهينة ، ومعه صاعان ، يكيل بأحدهما ، ويكتال بالآخر ، فأنزل الله هذه الآية (٤). وقد شرحنا معنى «الويل» في البقرة (٥) قال ابن قتيبة : المطفّف : الذي لا يوفّي الكيل ، يقال : إناء طفّان : إذا لم يكن مملوءا. وقال الزّجّاج : إنما قيل : مطفّف ،
____________________________________
(١٥١٧) حسن. أخرجه النسائي في «التفسير» ٦٧٤ وابن ماجة ٢٢٢٣ والحاكم ٢ / ٣٣ والطبري ٣٦٥٧٧ والواحدي ٨٤٨ من حديث ابن عباس ، وإسناده حسن. وصححه الحاكم ووافقه الذهبي ، وهو حديث حسن صحيح ، وقد صححه السيوطي في «الدر» ٦ / ٥٣٦. وانظر «أحكام القرآن» لابن العربي ٢٢٦٦.
__________________
(١) قال ابن كثير رحمهالله في «تفسيره» ٤ / ٥٧١ : سورة المطففين مدنية.
(٢) المطففين : ٢٩.
(٣) المطففين : ١٣.
(٤) ذكره الواحدي في «أسباب النزول» ٨٥٠ بدون إسناد عن السدي ، فهو لا شيء. وقال الحافظ في «تخريجه» ٤ / ٧١٨ : لم أجده.
(٥) البقرة : ٧٩.