بزق ، وقال : يقول الله عزوجل : أنّى تعجزني ، وقد خلقتك من مثل هذه؟! حتى إذا سوّيتك ، وعدّلتك ، مشيت بين بردين ، وللأرض منك وئيد ، فجمعت ، ومنعت ، حتى إذا بلغت التّراقي قلت : أتصدّق ، وأنّى أوان الصّدقة؟!».
قوله عزوجل : (فَلا أُقْسِمُ) قد تكلّمنا عليه في الحاقّة (١) والمراد بالمشارق ، والمغارب : مشرق كلّ يوم ومغربه ، (إِنَّا لَقادِرُونَ (٤٠) عَلى أَنْ نُبَدِّلَ خَيْراً مِنْهُمْ) أي : نخلق أمثل منهم ، وأطوع لله حين عصوا (وَما نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ) مفسّر في الواقعة (٢) (فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا) في باطلهم (وَيَلْعَبُوا) أي : يلهوا في دنياهم (حَتَّى يُلاقُوا) وقرأ ابن محيصن «يلقوا يومهم الذي يوعدون» وهو يوم القيامة. وهذا لفظ أمر ، معناه الوعيد. وذكر المفسّرون أنه منسوخ بآية السيف. وإذا قلنا : إنه وعيد بلقاء يوم القيامة ، فلا وجه للنّسخ ، (يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ سِراعاً) أي : يخرجون بسرعة كأنهم يستبقون.
قوله عزوجل : (كَأَنَّهُمْ إِلى نُصُبٍ) قرأ ابن عامر ، وحفص عن عاصم بضمّ النون والصاد. قال ابن جرير : وهو واحد الأنصاب ، وهي آلهتهم التي كانوا يعبدونها. فعلى هذا يكون المعنى : كأنهم إلى آلهتهم التي كانوا يعبدونها يسرعون. وقرأ ابن كثير ، وعاصم ، ونافع ، وأبو عمرو ، وحمزة ، والكسائيّ بفتح النون وسكون الصاد ، وهي في معنى القراءة الأولى ، إلّا أنه مصدر. كقول القائل : نصبت الشيء أنصبه نصبا. قال قتادة : معناه : كأنهم إلى شيء منصوب يسرعون. وقال ابن جرير : تأويله : كأنهم إلى صنم منصوب يسرعون. وقرأ ابن عباس ، وأبو مجلز ، والنّخعيّ «نصب» برفع النون ، وإسكان الصاد. وقرأ الحسن ، وأبو عثمان النّهديّ ، وعاصم الجحدريّ «إلى نصب» بفتح النون والصاد جميعا. قال ابن قتيبة : النّصب : حجر ينصب أو صنم ، يقال : نصب ، ونصب ، ونصب. وقال الفرّاء : النّصب والنّصب واحد ، وهو مصدر ، والجمع : الأنصاب. وقال الزّجّاج : النّصب ، والنّصب : العلم المنصوب. قال الفرّاء : والإيفاض : الإسراع.
قوله عزوجل : (تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ) قرأ أبو المتوكّل ، وأبو الجوزاء ، وعمرو بن دينار «ذلّة ذلك اليوم» بغير تنوين ، وبخفض الميم. وباقي السّورة قد تقدّم بيانه (٣).
____________________________________
٢٧٠٧ وأحمد ٤ / ٢١٠ والطبراني ١١٩٣ من طرق عن حريز بن عثمان به. وأخرجه الطبراني ١١٩٤ من طريق ثور بن يزيد الرحبي عن عبد الرحمن بن ميسرة به. وقال البوصيري في «الزوائد» إسناده صحيح؟! واضطرب الألباني فحسن إسناده في «الصحيحة» ١٠٩٩ في حين صححه برقم ١١٤٣؟!! وما تمسك به الألباني قول أبي داود : شيوخ حريز كلهم ثقات ، وفيما قاله نظر ، فابن المديني نص على الرجل بعينه في حين عبارة أبي داود عامة ، على أن علي المديني أثبت وأعلم في الرجال من أبي داود ، وقاعدة أبي داود فيها نظر ، فإن شعبة أثبت من حريز ، وهو مع تعنته في الرجال روى عن ضعفاء ومثل هذا كثير.
__________________
(١) الحاقة : ٣٨.
(٢) الواقعة : ٦٠.
(٣) المعارج : ٤٢.