والثاني : أنه الموقر حملا ، رواه العوفيّ عن ابن عباس ، وبه قال مجاهد ، والضّحّاك. والثالث : أنه الموقر الذي لا شوك فيه ، ذكره قتادة.
وفي الطّلح قولان : أحدهما : أنه الموز ، قاله عليّ ، وابن عباس ، وأبو هريرة ، وأبو سعيد الخدري ، والحسن ، وعطاء ، وعكرمة ، ومجاهد ، وقتادة. والثاني : أنه شجر عظام كبار الشّوك ، قال أبو عبيدة : هذا هو الطّلح عند العرب ، قال الحادي :
بشّرها دليلها وقالا |
|
غدا ترين الطّلح والجبالا |
فإن قيل : ما الفائدة في الطّلح؟ فالجواب أنّ له نورا وريحا طيّبة ، فقد وعدهم ما يعرفون ويميلون إليه ، وإن لم يقع التساوي بينه وبين ما في الدنيا ، وقال مجاهد : كانوا يعجبون ب «وجّ» وظلاله من طلحه وسدره ، فأمّا المنضود ، فقال ابن قتيبة : هو الذي قد نضد بالحمل أو بالورق والحمل من أوّله إلى آخره ، فليس له ساق بارزة ، وقال مسروق : شجر الجنّة نضد من أسفلها إلى أعلاها.
قوله عزوجل : (وَظِلٍّ مَمْدُودٍ) أي : دائم لا تنسخه الشمس. (وَماءٍ مَسْكُوبٍ) أي : جار غير منقطع.
قوله عزوجل (لا مَقْطُوعَةٍ وَلا مَمْنُوعَةٍ) فيه ثلاثة أقوال : أحدها : لا مقطوعة في حين دون حين ، ولا ممنوعة بالحيطان والنّواطير إنما هي مطلقة لمن أرادها ، هذا قول ابن عباس ، والحسن ، ومجاهد ، وقتادة ، ولخّصه بعضهم فقال : لا مقطوعة بالأزمان ، ولا ممنوعة بالأثمان. والثاني : لا تنقطع إذا جنيت ، ولا تمنع من أحد إذا أريدت ، روي عن ابن عباس. والثالث : لا مقطوعة بالفناء ، ولا ممنوعة بالفساد ، ذكره الماوردي.
قوله عزوجل : (وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ) فيها قولان : أحدهما : أنها الحشايا المفروشة للجلوس والنّوم. وفي رفعها قولان : أحدهما : أنها مرفوعة فوق السّرر. والثاني : أنّ رفعها : زيادة حشوها ليطيب الاستمتاع بها .. والثاني : أنّ المراد بالفرش : النساء ؛ والعرب تسمّي المرأة : فراشا وإزارا ولباسا ؛ وفي معنى رفعهنّ ثلاثة أقوال : أحدها : أنهنّ رفعن بالجمال على نساء أهل الدنيا ، والثاني : رفعن عن الأدناس ، والثالث : رفعن في القلوب لشدّة الميل إليهنّ.
قوله تعالى : (إِنَّا أَنْشَأْناهُنَّ إِنْشاءً) يعني النّساء. قال ابن قتيبة : اكتفى بذكر الفرش لأنها محلّ النساء عن ذكرهنّ. وفي المشار إليهنّ قولان : أحدهما : أنهنّ نساء أهل الدنيا المؤمنات ؛ ثم في إنشائهنّ قولان : أحدهما : أنه إنشاؤهنّ من القبور ، قاله ابن عباس. والثاني : إعادتهنّ بعد الشّمط والكبر صغارا ، قاله الضّحّاك. والثاني : أنهن الحور العين ، وإنشاؤهنّ : إيجادهنّ عن غير ولادة ، قاله الزّجّاج : والصواب أن يقال : إنّ الإنشاء عمّهنّ كلّهنّ ، فالحور أنشئن ابتداء ، والمؤمنات أنشئن بالإعادة وتغيير الصّفات ؛ وقد روى أنس بن مالك عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم أنه قال :
____________________________________
وموسى يضعّفان في الحديث. وورد من حديث أم سلمة ، أخرجه الطبري ٣٣٤٠٢ ، وإسناده واه ، فيه سليمان بن أبي كريمة ضعفه غير واحد ، والحسن لم يسمع من أم سلمة. وأخرجه الطبراني في «الأوسط» ٣١٦٥ عن الحسن عن أمه عن أم سلمة ، وفيه سليمان أيضا ، وهو ضعيف كما تقدم.