سورة الواقعة
وفيها قولان : أحدهما : أنها مكّيّة ، قاله الأكثرون ، منهم ابن عباس ، والحسن ، وعطاء وعكرمة ، وقتادة ، وجابر ، ومقاتل ، وحكي عن ابن عباس أنّ فيها آية مدنيّة وهي قوله : (وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ (٨٢)). والثاني : أنها مدنيّة ، رواه عطيّة عن ابن عباس.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(إِذا وَقَعَتِ الْواقِعَةُ (١) لَيْسَ لِوَقْعَتِها كاذِبَةٌ (٢) خافِضَةٌ رافِعَةٌ (٣) إِذا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا (٤) وَبُسَّتِ الْجِبالُ بَسًّا (٥) فَكانَتْ هَباءً مُنْبَثًّا (٦) وَكُنْتُمْ أَزْواجاً ثَلاثَةً (٧) فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ (٨) وَأَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ ما أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ (٩) وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (١٠) أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ (١١) فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (١٢))
قوله تعالى : (إِذا وَقَعَتِ الْواقِعَةُ) قال أبو سليمان الدّمشقيّ : لمّا قال المشركون : متى هذا الوعد ، متى هذا الفتح؟! نزل قوله : (إِذا وَقَعَتِ الْواقِعَةُ) ، قال أبو سليمان الدّمشقي فالمعنى : يكون إذا وقعت. قال المفسّرون : والواقعة : القيامة ، وكلّ آت يتوقّع يقال له إذا كان : قد وقع ، والمراد بها هاهنا : النّفخة في الصّور لقيام الساعة. (لَيْسَ لِوَقْعَتِها) أي لمجيئها وظهورها (كاذِبَةٌ) أي : كذب ، كقوله عزوجل : (لا تَسْمَعُ فِيها لاغِيَةً) (١) أي : لغوا. قال الزّجّاج : و«كاذبة» مصدر ، كقولك ؛ عافاه الله عافية ، وكذب كذبة ، فهذه أسماء في موضع المصدر. وفي معنى الكلام قولان : أحدهما : لا رجعة لها ولا ارتداد ، قاله قتادة. والثاني : ليس الإخبار عن وقوعها كذبا ، حكاه الماوردي.
قوله عزوجل : (خافِضَةٌ) أي : هي خافضة (رافِعَةٌ) وقرأ أبو رزين ، وأبو عبد الرّحمن ، وأبو العالية ، والحسن ، وابن أبي عبلة ، وأبو حيوة ، واليزيدي في اختياره : «خافضة رافعة» بالنّصب فيهما. وفي معنى الكلام قولان : أحدهما : أنها خفضت فأسمعت القريب ، ورفعت فأسمعت البعيد ، رواه العوفيّ عن ابن عباس ، وهذا يدلّ على أنّ الواقعة صيحة القيامة. والثاني : أنها خفضت ناسا ، ورفعت آخرين ، رواه عكرمة عن ابن عباس. قال المفسّرون : تخفض أقواما إلى أسفل السّافلين في النّار ، وترفع أقواما إلى علّيّين في الجنّة.
__________________
(١) الغاشية : ١١.