إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

زاد المسير في علم التفسير [ ج ٤ ]

زاد المسير في علم التفسير [ ج ٤ ]

204/551
*

(إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ).

(١٣٨٠) وروى مسلم في أفراده من حديث ابن عمر قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «كلّ شيء بقدر حتى العجز والكيس».

وقال ابن عباس : كلّ شيء بقدر حتى وضع يدك على خدّك. وقال الزّجّاج : معنى «بقدر» أي : كلّ شيء خلقناه بقدر مكتوب في اللّوح المحفوظ قبل وقوعه ، ونصب «كلّ شيء» بفعل مضمر ؛ المعنى : إنّا خلقنا كلّ شيء خلقناه بقدر.

قوله تعالى : (وَما أَمْرُنا إِلَّا واحِدَةٌ) قال الفرّاء : أي : إلّا مرّة واحدة ، وكذلك قال مقاتل : مرّة واحدة لا مثنويّة لها. وروى عطاء عن ابن عباس قال : يريد : إنّ قضائي في خلقي أسرع من لمح البصر. وقال ابن السّائب : المعنى : وما أمرنا بمجيء الساعة في السّرعة إلّا كلمح البصر. ومعنى اللّمح بالبصر : النّظر بسرعة. (وَلَقَدْ أَهْلَكْنا أَشْياعَكُمْ) أي : أشباهكم ونظراءكم في الكفر من الأمم الماضية (فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) أي متّعظ (وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ) يعني الأمم. وفي (الزُّبُرِ) قولان : أحدهما : أنه كتب الحفظة. والثاني : اللّوح المحفوظ. (وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ) أي : من الأعمال المتقدّمة (مُسْتَطَرٌ) أي : مكتوب ، قال ابن قتيبة : هو «مفتعل من «سطرت» : إذا كتبت ، وهو مثل «مسطور». قوله تعالى : (فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ) قال الزّجّاج : المعنى : في جنات وأنهار ، والاسم الواحد يدلّ على الجميع ، فيجتزأ به من الجميع. أنشد سيبويه والخليل :

بها جيف الحسرى ، فأمّا عظامها

فبيض وأمّا جلدها فصليب

يريد : وأمّا جلودها ، ومثله :

في حلقكم عظم وقد شجينا

ومثله :

كلوا في نصف بطنكم تعيشوا

وحكى ابن قتيبة عن الفرّاء أنّه وحّد لأنه رأس آية ، فقابل بالتوحيد رؤوس الآي ، قال : ويقال : النّهر : الضّياء والسّعة ، من قولك : أنهرت الطّعنة : إذا وسّعتها ، قال قيس بن الخطيم يصف طعنة :

ملكت بها كفّي فأنهرت فتقها

يرى قائم من دونها ما وراءها

أي : أوسعت فتقها. قلت : وهذا قول الضّحّاك. وقرأ الأعمش «ونهر».

قوله تعالى : (فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ) أي : مجلس حسن ؛ وقد نبّهنا على هذا المعنى في قوله : (أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ) (١). فأمّا المليك ، فقال الخطّابي : المليك : هو المالك ، وبناء فعيل للمبالغة في الوصف ، ويكون المليك بمعنى الملك ، ومنه هذه الآية. والمقتدر مشروح في الكهف (٢).

____________________________________

(١٣٨٠) صحيح. أخرجه مسلم ٢٦٥٥ والبخاري في «خلق أفعال العباد» ٧٣ وأحمد ٢ / ١١٠ وابن حبان ٦١٤٩ من طرق عن مالك به من حديث ابن عمر. وأخرجه مالك ٢ / ٨٩٩ في «الموطأ» عن زياد بن سعد به. وأخرجه البغوي في «شرح السنة» ٧٢ عن أبي مصعب عن مالك به.

__________________

(١) يونس : ٢.

(٢) الكهف : ٤٥.