فإنّ الذي حانت بفلج دماؤهم |
|
هم القوم ، كلّ القوم ، يا أمّ خالد (١) |
قوله تعالى : (لِيُكَفِّرَ اللهُ عَنْهُمْ) المعنى : أعطاهم ما شاؤوا ليكفّر عنهم (أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا) ، أي : ليستر ذلك بالمغفرة (وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ) بمحاسن أعمالهم ، لا بمساوئها.
(أَلَيْسَ اللهُ بِكافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ (٣٦) وَمَنْ يَهْدِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ مُضِلٍّ أَلَيْسَ اللهُ بِعَزِيزٍ ذِي انْتِقامٍ (٣٧) وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ ما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ إِنْ أَرادَنِيَ اللهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كاشِفاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ (٣٨))
قوله تعالى : (أَلَيْسَ اللهُ بِكافٍ عَبْدَهُ).
(١٢٣١) ذكر المفسّرون أنّ مشركي مكّة قالوا : يا محمّد ، ما تزال تذكر آلهتنا وتعيبها ، فاتّق أن تصيبك بسوء ، فنزلت هذه الآية. والمراد بعبده هاهنا : محمّد صلىاللهعليهوسلم.
وقرأ حمزة ، والكسائيّ : «عباده» على الجمع ، وهم الأنبياء ، لأنّ الأمم قصدتهم بالسّوء ؛ فالمعنى أنه كما كفى الأنبياء قبلك يكفيك ، وقرأ سعد بن أبي وقّاص ، وأبو عمران الجوني : «بكافي» مثبتة الياء «عبده» بكسر الدال والهاء من غير ألف. وقرأ أبيّ بن كعب ، وأبو العالية ، وأبو الجوزاء ، والشّعبي مثله ، إلّا أنهم أثبتوا الألف في «عبادة» وقرأ أبو عبد الرّحمن السّلمي ، وأبو جعفر ، وشيبة ، والأعمش : «بكاف» بالتنوين ، «عباده» على الجمع. وقرأ ابن مسعود ، وأبو رجاء العطاردي : «يكافي» بياء مرفوعة قبل الكاف وياء ساكنة بعد الفاء «عباده» على الجمع.
(وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ) أي : بالذين يعبدون من دونه ، وهم الأصنام. ثم أعلم بما بعد هذا أن الإضلال والهداية إليه تعالى ، وأنه منتقم ممّن عصاه. ثم أخبر أنهم مع عبادتهم ، يقرّون أنه الخالق. ثم أمر أن يحتجّ عليهم بأنّ ما يعبدون لا يملك كشف ضرّ ولا جلب خير. وقرأ أبو عمرو ، وأبو بكر عن عاصم : «كاشفات ضرّه» و«ممسكات رحمته» منوّنا. والباقون : «كاشفات ضرّه» و«ممسكات رحمته» على الإضافة.
(قُلْ يا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ إِنِّي عامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (٣٩) مَنْ يَأْتِيهِ عَذابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذابٌ مُقِيمٌ (٤٠) إِنَّا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ لِلنَّاسِ بِالْحَقِّ فَمَنِ اهْتَدى فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيْها وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ (٤١))
قوله تعالى : (قُلْ يا قَوْمِ اعْمَلُوا) ذكر بعض المفسّرين أنها والآية التي تليها نسخت بآية السيف. قوله تعالى : (إِنَّا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ) يعني القرآن (لِلنَّاسِ) أي : لجميع الخلق (بِالْحَقِ) ليس فيه
____________________________________
(١٢٣١) ضعيف. أخرجه عبد الرزاق في «تفسيره» ٢٦٣٤ عن قتادة قال : قال لي رجل ... فذكره ، وهو ضعيف لجهالة الرجل.
__________________
(١) البيت للأشهب بن رميلة ، وهو في «الكتاب» ١ / ٩٦ ، وقد تقدم في الجزء الأول.