لمن عنده أدنى نظر ، أو مسكة عقل ، فهو فى الواقع قسم مؤكّد بهذا النفي الذي وقع عليه ..
والشفق : هو الصفرة المشوبة بحمرة ، تعلو وجه النهار عند الغروب .. وهو إيذان بدخول الليل ، ولهذا جاء الليل معطوفا على الشفق .. (فَلا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ ، وَاللَّيْلِ وَما وَسَقَ) ..
وقوله تعالى : (وَاللَّيْلِ وَما وَسَقَ) ـ إشارة إلى ما يحمل الليل من نجوم وكواكب ، كما أنه يحمل كل هذه الكائنات التي كانت تتحرك بالنهار ، فيضمها إلى جناحه ويحملها على صدره ، كما تحمل الأم وليدها .. والوسق : الحمل ، الذي يوضع على ظهر الدابة.
وقوله تعالى : (وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ) أي إذا اكتمل ، وصار بدرا .. يقال : اتسق الشيء : أي بلغ غاية تمامه ..
وفى الجمع بين الشفق ، والليل ، والقمر ، مراعاة للمناسبة الزمنية الجامعة بينها .. فالشفق أول الليل من الأفق الغربي ، والقمر أوله من الأفق الشرقي .. (حيث يكون اتساقه وكماله وهو بدر فى الليلة الخامسة عشرة.)
فالمقسم به الواقع عليه النفي ، هو هذا الظرف من الزمن ، وهو ليلة انتصاف الشهر القمري ، حيث تغرب الشمس ، ويطلع القمر .. أو حيث يولّى سلطان الشمس ، ويقوم سلطان القمر ..
فالظرف الزمنى هنا ، هو الليل الذي يقوم عليه سلطان القمر ..
والليل ، بمثل الإنسان فى جسده الترابي ، المظلم المعتم ..
والقمر ، يمثل الضمير ، أو الفطرة المركوزة فى هذا الإنسان ، والتي