وقوله تعالى :
(وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ)
وهذا شأنهم بعد أن ينفض مجلسهم الآثم الذي جرحوا فيه المؤمنين بتغامزهم وتلامزهم .. إنهم يعودون من هذا المجلس إلى أهلهم ، وعلى أفواههم طعم هذا المنكر الذي طعموه فيها ، يتشدقون به ويقصّون على أهلهم ما دار على ألسنتهم من فجور ، وما رموا به المؤمنين من هجر القول ، وفجره ، يجعلون ذلك مادة للتندر والتفكه.
والفكه : كثير الفكاهة والمزاح ..
قوله تعالى :
(وَإِذا رَأَوْهُمْ قالُوا إِنَّ هؤُلاءِ لَضالُّونَ)
أي وليس هذا كل ما عند المجرمين من كيد للمؤمنين ، بل إنهم كلما رأوا أحدا من المؤمنين أشاروا إليه كمعلم من معالم الضلال ، وكأنهم يشفقون عليه من هذا الطريق الذي يسير فيه .. فيقول بعضهم لبعض : انظروا إلى هذا المسكين المغرور ، الذي يمنّيه محمد بالجنة ونعيمها!! إنه مسكين .. لقد وقع فريسة لخداع محمد وتمويهه!!
وقوله تعالى :
(وَما أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حافِظِينَ)
هو ردّ على هؤلاء المجرمين ، وعلى إنكارهم على المؤمنين ما هم فيه .. إنهم لم يرسلوا عليهم حافظين لهم ، حارسين لما يتهددهم من سوء! وقد كان الأولى بهؤلاء المجرمين الضالين أن ينظروا إلى أنفسهم ، وأن يحفظوها من هذا البلاء الذي اشتمل عليهم .. ولكن هكذا أهل السوء أبدا ، يشغلون عن أنفسهم وعن حراستها من المهالك والمعاثر ، بالبحث عن عيوب الناس ، وتتبع سقطاتهم وزلاتهم ، والتشنيع بها عليهم ..