قال : (أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ) .. إنه يغمض عينيه عن هذا النور المشع ، الذي يبدّد ظلام ليله الغارق فى. لذاته ، بتلك القولة الضالة التي يقولها عن كتاب الله : (أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ)!!
وكلا .. ليس الأمر كما زعم ، ضلالا ، وافتراء .. وإنما قد ران على قلبه هذا الإثم الذي غرق فيه ، فلم يعد يرى حقّا ، أو يهتدى إلى حقّ!
و (رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ) أي غطى على قلوبهم .. والرّين على الشيء حجبه ، وتغطيته.
وقوله تعالى :
(كَلَّا .. إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ).
هو توكيد لهذا الرّين الذي غطى قلوبهم ، وأنه قد صحبهم إلى الآخرة ، فحجبهم الله سبحانه وتعالى عن رؤيته ، وعن موقع رحمته وإحسانه ، كما حجبوا هم أنفسهم بآثامهم عن رؤية الحقّ فى الدنيا.
وقوله تعالى :
(ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصالُوا الْجَحِيمِ ، ثُمَّ يُقالُ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ).
أي وليس حجبهم عن الله سبحانه وتعالى فى الآخرة ، وبعدهم عن مواقع رحمته ، هو كل جزائهم فى الآخرة ، وإن كان جزاء أليما ، وعقابا زاجرا ، بل إن وراء هذا نارا تلظّى ، يلقون فيها ، ويكونون حطبا لها .. ثم لا يتركون هكذا للنار تأكلهم ، وترعى فى أجسامهم ، بل ينخسون بهذه القوارع ، بما يرجمون به من كل جانب ، من ملائكة جهنم وخزنتها بقولهم لهم : (ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ) فذوقوه لتعلموا إن كان ما كذبتم به حقا أو غير حق ، واقعا أو غير واقع : (فَهَلْ وَجَدْتُمْ ما وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا)؟ (٤٤ : الأعراف)