الْأَوَّلِينَ) أي أنه لا يكذب بهذا اليوم إلا كل معتد على حرمات الله ، غارق فى الإثم والضلال ..
وإن من كان هذا شأنه من التهالك على المنكر ، ولا ستغراق فى الإثم ، هو فى سكرة مما هو فيه ، لا يود أن يفيق منها أبدا ، ولا ينتظر لليلة سكره صباحا ، يقطع عنه أضغاث أحلامه ، وهذيان خماره.
إن آفة الذين لا يؤمنون باليوم الآخر ، ليست عن حجة من عقل أو منطق ، وإنما هى كامنة فى تلك الشهوات المستبدة بهم ، والمتسلطة عليهم ، والتي من شأنها ـ لكى تضمن وجودها ، وتدافع عن بقائها ـ أن تدفع كل خاطر يزحمها ، أو طارق يتهدد وجودها .. فإذا اتجهت النفس إلى الإيمان باليوم الآخر ، بدا لها هذا القيد الذي يقيدها به الإيمان ، ويحول بينها وبين هذا المرعى الذي تنطلق فيه هائمة على وجهها .. وهنا يضعف ذوو النفوس الخبيثة عن قبول هذا الالتزام بالوقوف عند حدود الله ، فيتهمون هذا الهاتف الذي يهتف فى ضمائرهم بالإيمان بالله واليوم الآخر ليظلّوا عاكفين على ما هم فيه من آثام ومنكرات. روى أن الأعشى الشاعر الجاهلى ، حين سمع بأمر النبىّ ، جاء يريد الإسلام ، فتلقته قريش ، وقالوا له إن محمدا يحرّم الزنا ، فقال : هذا لا إربة لى فيه ، فقالوا : إنه يحرم الخمر ، فقال : أما هذه ، فإنها شهوة نفسى ، وعندى خابية منها ، سأروى نفسى منها سنة ، ثم أعود فأدخل فى دين محمد .. فرجع ولكنه لم يعد ، فقد مات فى عامه هذا!! وهكذا يتعلل أصحاب المنكرات بالعلل والمعاذير ، حتى يموتوا على ما هم عليه من ضلال ..
وقوله تعالى :
(كَلَّا .. بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ).
كلا ، هو ردّ على قول هذا المعتدى الأثيم ، الذي إذا تتلى عليه آيات الله