الْمُسْتَقِيمِ* وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْياءَهُمْ وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ) (١٨١ ـ ١٨٣ الشعراء).
إنها قضية حق وعدل .. فإذا افتقد الحق مكانه فى قوم ، وإذا اختلت موازين العدل فى أيديهم ، فليأذنوا بتصدع بنيانهم ، وانهيار عمرانهم ، وبوار سعيهم ، وسوء مصيرهم ..
وقوله تعالى :
(أَلا يَظُنُّ أُولئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ لِيَوْمٍ عَظِيمٍ* يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ) ..
هو استفهام إنكارى ، لهذا الأمر المنكر الذي يأتيه المطففون فى الكيل والميزان .. إن هؤلاء المطففين لا يظنون أنهم مبعوثون ليوم عظيم ، فيه حساب ، وجزاء .. ولو كانوا يظنون هذا ما اجترءوا على أكل حقوق الناس بالباطل ، ولحجزهم عن ذلك حاجز الخوف من الله ، ومن لقائه بهذا المنكر الشنيع ..
وفى التعبير بفعل الظن ، بدلا من فعل الاعتقاد فى البعث ، إشارة إلى أن مجرد الظن بأن هناك بعثا ، وحسابا ، وعقابا ـ يكفى فى العدول عن هذا المنكر ، وتجنبه ، توقّيا للشر المستطير ، الذي ينجم عنه .. فكيف بمن يعتقد البعث ، ويؤمن به؟ إنه أشد توقيا للبعث ، ومحاذرة منه ، وإعدادا له ..
وقوله تعالى :
(كَلَّا .. إِنَّ كِتابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ) ..
كلّا هو رد على قوله تعالى : (أَلا يَظُنُّ أُولئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ؟) .. وكلا .. إنهم لا يظنون أنهم مبعوثون ، ولو ظنوا أنهم مبعوثون ما فعلوا هذا الذي فعلوه من التطفيف فى الكيل والميزان ..