وهو ـ أي الشيطان ـ مخاطب خطابا مستقلا من الله سبحانه وتعالى ، كما هو شأن الإنسان ، وهو محاسب ، ومجازى على ما يعمل ، وفى هذا يقول الله تعالى : (وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشارِكْهُمْ فِي الْأَمْوالِ وَالْأَوْلادِ ، وَعِدْهُمْ وَما يَعِدُهُمُ الشَّيْطانُ إِلَّا غُرُوراً .. إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ) (٦٤ ـ ٦٥ الإسراء) ويقول سبحانه : (وَكَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَياطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً) ١١٢ : الأنعام) .. ويقول جل شأنه : (وَأَنَّهُ كانَ رِجالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزادُوهُمْ رَهَقاً) (٦ : الجن) .. وقد سخر الله بعض الجن لسليمان ـ عليهالسلام ـ كما سخر له الريح .. فقال تعالى : (وَمِنَ الشَّياطِينِ مَنْ يَغُوصُونَ لَهُ وَيَعْمَلُونَ عَمَلاً دُونَ ذلِكَ وَكُنَّا لَهُمْ حافِظِينَ) (٨٢ الأنبياء) وقال سبحانه : (يَعْمَلُونَ لَهُ ما يَشاءُ مِنْ مَحارِيبَ وَتَماثِيلَ وَجِفانٍ كَالْجَوابِ وَقُدُورٍ راسِياتٍ) (١٣ : سبأ).
فالشيطان أو الجن ، عالم غير منظور ، يقابل عالم الإنسان المنظور ، وبين العالمين احتكاك أشبه بالاحتكاك الذي يقع بين الإنسان والإنسان ، وفى احتكاك الإنسان بالإنسان يتولد خير وشر .. أما احتكاك الشيطان بالإنسان ، فلا يتولد منه إلا شر محض .. كما يتولد الشر من احتكاك الإنسان بالإنسان فى مجال العداوة والبغضاء .. وليس بين الشيطان والإنسان إلا عداوة دائمة متصلة ، وليس يرد على الإنسان من الشيطان إلا السوء الخالص ، والشر الصريح ، كما يقول سبحانه .. (إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا .. إِنَّما يَدْعُوا حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحابِ السَّعِيرِ). (٦ : فاطر)
فاللهم احفظنا من وساوس النفس وأهوائها ، ومن كيد الشيطان وزغانه ، واجعل لنا من لدنك وليّا ، واجعل لنا من لدنك نصيرا ، حتى نستقيم على