من إغماء ونحوه ، فقد كان أمرا عارضا لا يتجاوز لحظة من عمر يوم أو ليلة .. أما أن يمتد هذا المعارض ستة أشهر أو سنة ، فهذا ما يقطع النبىّ عن رسالته ، ويعزله من مقام النبوة.
ويقول ابن حزم فى كتابه المحلّى تعقيبا على حديث السحر :
«فهذا خبر صحيح .. وقد عرّف الله تعالى رسوله صلىاللهعليهوسلم من سحره ، فلم يقتله»!!
ومن عجب أن عالما فقيها مجتهدا ، واسع الأفق كابن القيم ، وأن عالما كبيرا عرف بنفاذ البصيرة ، واحترام العقل كابن حزم ـ من عجب أن يكون هذا موقف هذين العالمين الجليلين من حديث السحر ، يغلب عليهما فيه ما تواردت عليه مقولات العلماء ، من قبوله ، والاحتجاج إليه .. ولا أدلّ على ذلك من أن ابن القيم يتحدث فى موقف آخر عن السحر ، فيقول ـ فيما ينقله عنه ابن حجر فى شرح هذا الحديث من البخاري ـ يقول : «قال ابن القيم : من أنفع الأدوية وأقوى ما يوجد من النشرة ـ أي استخراج السحر ، وإبطال عمله ـ مقاومة السحر ـ الذي هو من تأثيرات الأرواح الخبيثة ـ بالأدوية الإلهية ، من الذّكر والدعاء ، لا يخل به (١) ـ كان ذلك من أعظم الأسباب المانعة من إصابة السحر له .. قال (أي ابن القيم) :
«وسلطان تأثير السحر ، هو فى القلوب الضعيفة ، ولهذا غالب ما يؤثّر ، فى النساء ، والصبيان والجهال ، لأن الأرواح الخبيثة ، إنما تنشط على أرواح من تلقاه مستعدة لما يناسبها»
هذا ما يقرره ابن القيم هنا من تمكن الأرواح الخبيثة ، التي يقع من آثارها
__________________
(١) أي لا ينقطع عنه.