مذعورا ، وقال يا عائشة : أما شعرت أن الله أخبرنى بدائى؟ ثم بعث رسول اللهصلىاللهعليهوسلم عليّا والزبير وعمار بن ياسر ، فنزحوا ماء البئر كأنه نقاعة الحنّاء ، ثم رفعوا الصخرة ، وأخرجوا الجفّ ، فإذا فيه مشاطة رأسه ، وأسنان من مشطه ، وإذا فيه وتر معقود فيه اثنتا عشرة عقدة ، مغروزة بالإبر ، فأنزل الله تعالى السورتين (أي المعوذتين) فجعل كلما قرأ آية انحلّت عقدة ، ووجد رسول الله صلىاللهعليهوسلم خفّة حين انحلّت العقدة الأخيرة ، فقام كأنما أنشط من عقال ، ونام ليس به بأس ..»
والذي ينظر فى هذه الأحاديث ، وتلك الأخبار يتردّد كثيرا فى قبولها ، أو الوقوف عندها ، إذ كانت تضع رسول الله صلىاللهعليهوسلم فى الموضع الذي يجور على كماله ، وينتقص من عصمته ..
وقد كان ذلك مثار بحث وخلاف بين العلماء ، فردّ كثير منهم هذه الأحاديث وأبى أن يقبلها ، جاعلا عصمة النبىّ فوق كل اعتبار ، رافعا مقام النبوّة فوق كلّ مقام .. على حين نجد كثيرا من العلماء ، قد انبرى للدفاع عن كتب السنة الصحاح ، وما ورد فيها من أحاديث ، محاولا سدّ باب الطعن فيها ، بتخريج مثل هذه الأحاديث على وجه يمكن قبولها عليه ، ولو ركب فى هذا مركب التعسّف فى التأويل والتخريج .. والانتصار للسنّة ، ولكتب الصحاح الحاملة لها ، أمر يحرص عليه كلّ مسلم ، ويلتقى عنده المسلمون جميعا بلا خلاف .. ولكن حين يكون الموقف كهذا الذي نحن بين يديه ، تختلف وجهات النظر ، ويكون فى المسلمين من يؤثر الجمع بين قبول الحديث وبين الجهة التي يتعلق بها هذا الحديث ، محاولا تعليل ذلك وتبريره ، على حين يكون فى المسلمين من يؤثر مقام النبوّة وتنزيهها عن عوارض النقص ، على كل خبر يساق ، أو حديث يروى ..