هذا ما رواه البخاري من حديث السّحر ، ومثله ما رواه مسلم ـ والروايات الثلاث للحديث متقاربة اللفظ والمعنى .. وهى تشير إلى أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قد وقع تحت تأثير السّحر من رجل يهودىّ ، وأن هذا التأثير قد بلغ به حدّا يخيّل إليه فيه أنه يفعل الشيء وما فعله ، وأنه يأتى النساء ولا يأتيهن.
وفى مسند الإمام أحمد عن إبراهيم بن خالد عن معمر عن هشام عن أبيه عن عائشة قالت : لبث رسول الله صلىاللهعليهوسلم ستة أشهر يرى أنه يأتى النساء ولا يأتى ، فأتاه ملكان فجلس أحدهما عند رأسه والآخر عند رجليه .. الحديث»
وفى تفسير الثعلبي عن ابن عباس وعائشة رضى الله عنهما ، أن غلاما من اليهود كان يخدم رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فدبّت (١) إليه اليهود ، فلم يزالوا به حتى أخذ مشاطة رأس رسول اللهصلىاللهعليهوسلم ، وعدّة من أسنان مشطه ، فأعطاها اليهود فسحروه فيها ، وكان الذي تولّى ذلك رجل منهم يقال له ابن أعصم ، ثم دسّها فى بئر لبنى زريق ، يقال له ذروان ، فمرض رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وانتثر شعر رأسه ، ولبث ستة أشهر ، يرى أنه يأتى النساء ولا يأتيهن ، وجعل يذوى ، ولا يدرى ما عراه ، فبينما هو نائم أتاه ملكان ، فجلس أحدهما عند رأسه ، والآخر عند رجليه ، فقال الذي عند رأسه للذى عند رجليه : ما بال الرجل؟ قال : طبّ ، قال : وما طبّ ، قال : سحر ، قال : ومن سحره؟ قال لبيد بن الأعصم اليهودي! قال : وبم طبّه؟ قال : بمشط ومشاطة .. قال : وأين هو؟ قال : فى جفّ طلعة ذكر ، تحت راعوفة فى بئر ذروان .. فانتبه النبىّ صلىاللهعليهوسلم
__________________
(١) دبت إليه : أي سعت إليه.