بسوء ، فحيث نزلوا وجدوا الألفة والمودة من كل من يلقاهم ، ويعرف أنهم أهل هذا البلد الحرام ..
فقوله تعالى : (رِحْلَةَ الشِّتاءِ وَالصَّيْفِ) مفعول به للمصدر «إيلافهم».
وقد كان لقريش رحلتان للتجارة .. رحلة فى الشتاء ، إلى اليمين ، ورحلة فى الصيف ، إلى الشام ..
والذي يعرف الحياة الجاهلية ، وما كان يعرض للمسافرين فى طرقها وشعابها من أخطار ، وما يترصدهم على طريقهم من المغيرين وقطاع الطرق ، يدرك قيمة هذا الأمن الذي كان يصحب قريشا فى قوافلها المتجهة إلى اليمن أو الشام ، محملة بالأمتعة ، والبضائع ، دون أن يعرض لها أحد .. وهذا ما يشير إليه قوله تعالى : (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنا حَرَماً آمِناً وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ) (٦٧ : العنكبوت)
ولهذا جاء قوله تعالى : (فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هذَا الْبَيْتِ* الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ) ـ جاء تعقيبا على هذه النعمة العظيمة التي أنعمها الله على قريش ، وجعل من حقّ شكرها أن يعبدوا رب هذا البيت ، فهو ـ سبحانه ـ الذي حفظه لهم مما كان يراد به من سوء ، وحفظ عليهم أمنهم وسلامتهم فيه .. فلقد أطعمهم الله سبحانه من جوع ، بما فتح لهم من طرق آمنة يغدون فيها ويروحون بتجاراتهم ، وألبسهم لباس الأمن حيث كانوا ، داخل هذا البلد الحرام أو خارجه .. وإنه لا أجلّ من نعمة الأمن بجده الإنسان وسط غابة ، تزأر فيها الأسود ، وتعوى الذئاب!
وفى إضافة البيت إلى الله سبحانه وتعالى ، تشريف لهذا البيت ، ورفع لقدره وتنوبه به ..
فالله سبحانه وتعالى ، هو رب هذا البيت ، ورب كلّ شىء فى هذا الوجود ، ولكن إضافة هذا البيت وحده إلى ربوبيته سبحانه وتعالى ، تجعل لهذا البيت