وفى التعبير عن خبء الأرض ، وما تخرجه من بطنها بلفظ الأخبار ـ إشارة أخرى إلى أن هذه الأسرار المضمرة التي كانت مخبوءة فى صدر الأرض ، قد أعلنت وأصبحت أخبارا يعلمها الناس جميعا .. وهذا ما يشير إليه الرسول الكريم بقوله ، وقد سئل صلوات الله وسلامه عليه عن معنى قوله تعالى : (يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبارَها) .. فقال : «أتدرون ما أخبارها»؟ قالوا : الله ورسوله أعلم. قال : «أخبارها أن تشهد على كل عبد وأمة بما عمل على ظهرها .. تقول عمل كذا وكذا يوم كذا وكذا ..»
وعلى هذا يكون معنى قوله تعالى : (يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبارَها) أي تنشر أخبارها ، وتظهر أسرارها ، وتخرج خبأها ..
(إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها ، وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقالَها ، وَقالَ الْإِنْسانُ ما لَها ، يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبارَها) .. فالضمير «ها» الذي يعود إلى الأرض فى «زلزالها» و«أثقالها» و«ما لها» و«أخبارها» يشير إلى أمور خاصة بالأرض فى هذا اليوم ، يوم ينفخ فى الصور ، للبعث والنشور .. فللأرض فى هذا اليوم زلزالها الذي ينتظرها ، ولها أثقالها التي تخرجها ، ولها هذا التساؤل الذي يتساءله الناس عنها ، ولها حديثها الذي تحدثه للناس ، وعن الناس ، فى هذا اليوم الموعود.
وليس هذا الذي رآه الناس من أحداث الأرض يومئذ هو من تلقاء نفسها ، وإنما ذلك بما أوحى به إليها ربّها ، وما أمرها الله به ، فامتثلت له ، وأمضته كما أمر الله ..
وفى قوله تعالى : «أوحى لها» ـ إشارة إلى أنها بمجرد الإشارة إليها من الله ، خضعت لمشيئة الله .. فلم تكن فى خضوعها لربها محتاجة لأن يردّد عليها القول ، أو يؤكد لها الأمر .. بل هو مجرد اللمح والإشارة .. وهذا هو شأن