أي الذين آمنوا بهذا الدّين وعملوا الصالحات ، أولئك هم خير الخلق جميعا ، كما يشير إلى ذلك قوله تعالى : (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ) ، إذ ألبسهم إيمانهم بالله ، وأعمالهم الصالحة فى ظل هذا الإيمان ـ لباس التقوى ، فكانوا هم عباد الله ، وكانوا أهل ودّه ، ولهذا كان جزاؤهم عند ربهم هذا الجزاء الكريم : «جنات عدن» أي جنات خلود واستقرار ، تجرى من تحتها الأنهار ، خالدين فيها أبدا ، لا يتحولون عنها .. (رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ) فأدخلهم فى جنّاته ، وأفاض عليهم من نعيمه. (وَرَضُوا عَنْهُ) أي رضوا عن ربّهم ، وحمدوه ، وشكروا له هذا النعيم الذي هم فيه .. وذلك النعيم والرضوان ، إنما هو لمن خشى ربّه ، واتقاه ، وخاف مقامه.
هذا ، ويلاحظ هنا أمران :
أولهما : أن الذين آمنوا وعملوا الصالحات قد جاء الحديث عنهم مطلقا من غير قيد الإضافة إلى أهل الكتاب ، أو المشركين ، فلم يجىء النظم القرآنى هكذا : «إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات من أهل الكتاب والمشركين» .. كما جاء فى الآية السابقة : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَالْمُشْرِكِينَ) ـ وذلك لأن الذين يؤمنون بالله ويعملون الصالحات فى جميع الأحوال والأزمان داخلون فى ساحة المؤمنين بشريعة الإسلام .. سواء أكان هذا الإيمان عن دعوة رسول وكتاب ، أو عن دعوة العقل ، وإلهام الفطرة ، فالمؤمن بالله حيث كان ، وحيث كان مصدر إيمانه ، هو لا حق بهؤلاء المؤمنين ، وهو ملاق هذا الجزاء الذي يجزى به المؤمنون ..
أما حصر الكافرين هنا فى الذين كفروا من أهل الكتاب ، والذين كفروا من المشركين ، بعد أن جاءتهم البينة ـ فهو تشنيع على هذا الوجه الكريه الغليظ من وجوه الكفر ، فى مواجهة هذا الصبح المشرق ، الذي