إنها الليلة التي توزن فيها أقدار الناس حسب قربهم وبعدهم من كتاب الله ، ويفرق فيها بين المحقّين والمبطلين ..
وقد أشار إليها الله سبحانه وتعالى فى سورة أخرى بقوله : (فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ) أي يبين فيها حكم الله فيما هو حلال أو حرام ، وحق أو باطل ، وهدى أو ضلال ، وذلك بما نزل فيها من آيات الله ..
وقوله تعالى :
(وَما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ)؟
تنويه بشأن هذه الليلة ، وتفخيم لقدرها ، وأنها ليلة لا يدرى أحد كنه ، عظمتها ، ولا حدود قدرها ..
قوله تعالى :
(لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ).
اختلف فى تحديد المفاضلة بين هذه الليلة وبين الألف شهر .. وقد تواردت على هذا مقولات وأخبار شتى ..
ونقول ـ والله أعلم ـ إنه ليس المراد من ذكر الألف شهر وزن هذه الليلة بهذا العدد من الأيام والليالى والسنين ، وأنها ترجح عليها فى ميزانها ، وإنما المراد هو تفخيم هذه الليلة وتعظيمها ، وأن ذكر هذا العدد ليس إلا دلالة على عظم شأنها ، إذ كان عدد الألف هو أقصى ما تعرفه العرب من عقود العدد. عشرة ، ومائة ، وألف ، ومضاعفاتها.
وإذن فهى ليلة لا حدود لفضلها ، ولا عدل لها من أيام الزمن ولياليه ، وإن بلغت ما بلغت عدّا.
وقدر هذه الليلة ، إنما هو ـ كما قلنا ـ فى أنها كانت الظرف الذي نزل فيه القرآن ، والوعاء الذي حمل هذه الرحمة العامة إلى الإنسانية كلها .. إنها الليلة