قوله تعالى :
(وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى)
أي ولسوف يلقاك ربك بالعطايا والمنن ، حتى تقر عينك ، وينشرح صدرك ، وذلك بما ينزل عليك من آيات ربك ، وبما يحقق لدعوتك من نصر وتمكين.
وقوله تعالى :
(أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوى ، وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدى ، وَوَجَدَكَ عائِلاً فَأَغْنى)
هذا من بعض ما أعطى الله النبي ، فيما مضى ، ولسوف يعطيه أكثر وأكثر فيما يستقبل من الحياة ..
فإذا نظر النبي إلى نفسه ، من مولده إلى يومه هذا الذي لقيته فيه تلك الآيات ـ وجد أنه ولد يتيما ، فكفله الله ، وأنزله من جده عبد المطلب ، وعمه أبى طالب ، منزلة أعز الأبناء وأحبهم إلى آبائهم .. ثم إذا نظر مرة ثانية إلى شبابه ، وجد أنه كان قلق النفس ، منزعج الضمير ، مما كان يرى من الحياة الضالة التي يعيش فيها قومه ، ولم يكن يدرى كيف يجد لنفسه سكنا ، ولقلبه اطمئنانا وسط هذا الجوّ الخانق ، فهداه الله إلى الخلوة إلى نفسه فى غار حراء ، والابتعاد عن قومه ، والانقطاع إلى ربه متحنّثا متعبدا ، متأملا متفكرا .. وقد ظل هذا شأنه إلى أن جاءه وحي السماء ، فسكب السكينة فى قلبه ، والطمأنينة فى نفسه .. إنه صلوات الله وسلامه عليه ، كان يرى أن ما عليه قومه ليس مما يدين به عاقل ، أو تستقيم به حياة العقلاء ، ولم يكن يدرى ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ كيف