وقوله تعالى : (وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَواصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ) ـ إشارة إلى أن الإيمان ـ مجرد الإيمان ـ لا يمكّن المرء من اقتحام هذه العقبة ، وإن كان يدعو إلى اقتحامها ، ويشدّ البصر نحوها .. إذ لا بد من أن يقوم مع الإيمان ، دعوة موجّهة إلى الصبر ، وإلى الرحمة ، وأن يتزود المرء بزاد عتيد منها.
والتواصي بالصبر والمرحمة ، هو إلحاح المرء على نفسه بالدعوة إليهما ، والتمسك بهما ، فإذا جزع فى مواجهة مال يخرج من يده ، حمل نفسه على الصبر على ما تكره ، واستدعى من مشاعره دواعى الحنان والرحمة .. فذلك مما يعينه على مغالبة أهوائه ، وقهر شحّه وبخله .. ثم لا يقف المرء عند هذا ، بل ينبغى أن يكون هو داعية إلى الصبر وإلى الرحمة ، يبشر بهما فى الناس ، ويدعو إليهما فى كل مجتمع ، فذلك من شأنه أن يترك آثاره فيه ، إلى جانب ما يتركه من إشاعة هذا المعروف بين الناس ..
قوله تعالى :
(أُولئِكَ أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ) ..
أي أن هؤلاء الذين آمنوا ، وتواصوا بالصبر ، وتواصوا بالمرحمة ، وتخطوا هذه العقبة ، ففكوا الرقاب ، وأطعموا الجياع من الأيتام والمساكين ـ هؤلاء (أُولئِكَ أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ) أي أصحاب اليمين ، والفوز ، والفلاح ، وأنهم من أهل اليمين ، الذين وعدهم الله جنات النعيم ..
قوله تعالى :
(وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِنا هُمْ أَصْحابُ الْمَشْأَمَةِ) ..
أي والذين لم يؤمنوا بالله ، ولم يقتحموا العقبة ، سيأخذون الجانب الآخر