الفقير غير مسكين .. والمسكين هو الذليل ، المهين .. سواء أكان فقيرا أم غير فقير ، ومن هنا لم يكن فى المؤمنين مسكين. إذ لا يجتمع الإيمان ، وذلة المسكين ومهانته ..
وعلى هذا يكون المسكين ، هو الّذي ، الذي يعيش فى دار الإسلام ، ويكون من حقه على المسلمين إذا كان فقيرا أن تسدّ مفاقره ، وأن يكون له نصيب من البر والإحسان. كما يشير إلى ذلك قوله تعالى : (إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ ...) أما الفقير على إطلاقه ، فهو من كان من المؤمنين ، ولا مال معه ، وهذا الفقر لن يلبسه لباس المسكنة أبدا .. وكيف ، وهو العزيز بإيمانه ، القوى بالثقة فى ربه؟
وسميت هذه الأمور عقبة ، لأن الذي يتخطاها ، إنما يغالب نوازع نفسه ، من الأثرة ، وحب المال ، وإنه ليس من السهل على الإنسان أن ينزع من نفسه الأنانية والأثرة ، وحبّ المال ، وإن ذلك ليحتاج إلى معاناة وجهاد ومغالبة ، حتى يقهر المرء هذه القوى التي تحول بينه وبين البذل والسخاء ..
وقوله تعالى :
(ثُمَّ كانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَواصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ) ..
إشارة إلى أن هذه الأعمال المبرورة ، لا ينزلها منازل القبول من الله إلا الإيمان بالله. فإذا فعلها المرء غير مؤمن بالله ، وغير راغب فى ثوابه ، طامع فى حسن المثوبة منه ـ لم يكن لها عند الله وزن .. وهذا ما يشير إليه قوله تعالى : (وَقَدِمْنا إِلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً) (٢٣ : الفرقان) وقوله سبحانه : (أُولئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ وَلِقائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَزْناً) (١٠٥ : الكهف).