قوله تعالى :
(أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ ، وَلِساناً وَشَفَتَيْنِ ، وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ؟)
هو تعقيب على موقف هذا الجهول المفتون ، الذي ظن أن قدرته لا تغلب ، وأن ماله لا ينفد ، وأنه لا يحاسب على ما يفعل ، ولا يراجع فيما يقول ، وأنه عند نفسه أكبر من أن يحاسب ، وأعظم من أن يراجع!!
وإذا سلّم لهذا الغبىّ الجهول ، أن جاهه وسلطانه من كسب يده ، وأن المال الذي ينفق منه بغير حساب على شهواته وأهوائه ، هو من ثمرة عمله ـ إذا سلّم له بهذا ، فهل يجرؤ على أن يدّعى ـ ولو تجرد من كل حياء ـ أنه هو الذي أوجد وجوده ، وأودع فيه هذه القوى التي يعمل بها؟ أيجرؤ على أن يقول إنه هو الذي خلق هاتين العينين اللتين ببصر بهما ، أو هو الذي خلق جهاز النطق الذي ينطق به ، من لسان وشفتين؟ فإذا كان لا يملك تلك القوى المودعة فيه ، فهل يملك ما تحصّله له تلك القوى من جاه ، ومال ، وسلطان؟ إنه يستطيع ـ ولو جدلا وسفها ـ أن يقول مشيرا إلى نفسه : هذا مالى قد جمعته ، وهذا جاهى وسلطانى قد أقمته ولكن لا يستطيع أبدا أن يقول ها هو ذا أنا الذي أو جدته!!
[وهديناه النجدين. ما تأويله]؟
قوله تعالى
(وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ)
النجد : ما ارتفع من الأرض ، أشبه بالنّهد البارز على الصدر ، وجمعه نجود ، وبه سمى الصّقع المعروف من بلاد العرب ، بنجد ، لأنه عال بارز على ما حوله من الأماكن ، مثل تهامة وغيرها ..
والنجدان هنا ، هما جانبا الخير والشر فى الإنسان .. وسميا نجدين لأنهما أمران بارزان بين ما يتقلب فيه الإنسان من أمور. فالخير واضح الملامح ،