يقسم به من الله سبحانه ، لأن القسم من الله هو تشريف وتكريم لما يقسم به سبحانه ، وإن الله سبحانه لن يقسم بهذا البلد ما دام النبي ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ لا ترعى له حرمة فى البلد الحرام .. فإن حرمة هذا البلد من حرمة النبي ، وأنه إنما أقيم من أول وجود للمجتمع الإنسانى ، ليستقبل دين الله وقد كمل ، وليكون مطلعا لخاتم المرسلين وقد ظهر.
وفى نفى القسم بالبلد الحرام ، تجريم للمشركين ، وتشنيع على جنايتهم الغليظة التي اقترفوها فى حق رسول الله ، وفى حق البلد الأمين ، وأن تلك الجناية الشنعاء قد امتدت آثارها إلى البلد الحرام ، فسلبته حرمته ، وأن الله سبحانه وتعالى رافع عنه هذه الحرمة ، حتى ينتقم لنبيه الكريم من هؤلاء المجرمين ، ويردّ إليه اعتباره من التوقير والتكريم فى رحاب البلد الحرام. وعندئذ تعود للبلد حرمته!! وإنا لنذهب إلى أبعد من هذا ، فنقول إن رفع الحرمة عن البلد الحرام قد ظلّ معلقا هكذا إلى أن خرج منه النبي ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ مهاجرا ثم عاد إليه فاتحا فى السنة الثامنة من الهجرة ، وأنه قد أبيح له من هذا البلد يوم الفتح ، ما كان حراما ، فأمر صلوات الله وسلامه عليه بقتل بعض المشركين ، وهم متعلقون بأستار الكعبة ، يومئذ ، وهم ابن خطل ، وميّس بن صبابة ، وغير هم وفى هذا يقول الرسول الكريم عن هذا البلد يوم الفتح : «إن الله حرم مكة ، يوم خلق السماوات والأرض ، فهى حرام إلى أن تقوم الساعة ، فلم تحل لأحد قبلى ، ولا تحل لأحد من بعدي ، ولم تحل لى إلا ساعة من نهار»
وإنه ما إن يقرغ النبي ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ من حساب هؤلاء المتاكيد الذين أمر بقتلهم فى المسجد الحرام ، بالبلد الحرام ، حتى تعود للبلد الحرام حرمته ويطّهر من الشرك والرجس ، ومن الأصنام وعبّاد الأصنام.
هذا ، ولا يفهم مما قلناه : من أن البلد الحرام ، قد رفعت عنه حرمته منذ