التفسير
[لا أقسم بهذا البلد .. ما تأويله؟]
قوله تعالى :
(لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ)
قلنا ـ فى غير موضع ـ إن القسم المنفي فيما ورد فى القرآن الكريم ، هو تعريض بالقسم ، وتلويح به ، دون إبقاعه ، إذ كان الأمر الواقع فى حيزّ القسم ، أوضح وأظهر من أن يقسم عليه ، توكيدا ، أو تقريرا .. ونفى القسم هنا هو لعلة فى المقسم به ، لا بالمقسم عليه ، كما سنرى .. والبلد ، هو البلد الحرام ، مكة المكرمة ، وقد أقسم الله به فى غير هذا الموضع ، فى قوله تعالى : (وَالتِّينِ. وَالزَّيْتُونِ ، وَطُورِ سِينِينَ ، وَهذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ).
وقوله تعالى :
(وَأَنْتَ حِلٌّ بِهذَا الْبَلَدِ)
الواو هنا للحال ، والجملة حال من فاعل لا أقسم ، وهو الله سبحانه وتعالى .. أي لا أقسم بهذا البلد فى تلك الحال التي أنت حلّ به ، فالضمير «أنت» خطاب للنبى صلوات الله وسلامه عليه. والحلّ : الحلال ، المستباح .. والمراد بالحلّ ، هنا هو النبىّ ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ وأنّ المشركين لم يرعوا فيه حرمة القرابة ، ولا حرمة البلد الحرام الذي يأوى إليه ، بل أباحوا سبّه وشتمه ، وأطلقوا ألسنتهم بكل قالة سوء فيه ، بل وتجاوزوا هذا إلى التعرض له بالأذى المادي ، حتى لكادوا يرجمونه ..
وهنا ندرك بعض السر فى نفى القسم بالبلد الحرام .. لقد جعله المشركون بلدا غير حرام ، وغيّروا صفته التي له ، حتى لقد صار هذا البلد غير أهل لأن