والضريع ، كما يدل عليه لفظه ، طعام غثّ ردىء ، لا تتولد عنه إلا الضراعة ، والذلة ، والمهانة ..
وقد اختلف المفسّرون فى معنى «الضريع» والفصيلة الذي ينتمى إليه من فصائل النبات .. وقال كل ذى رأى برأيه فيه ، وتكاف له التأويل والتخريج .. والرأى ـ والله أعلم ـ أنه من طعام أهل النار ، لا يعرف له شبيه فى الحياة الدنيا ، ولهذا وصفه الله سبحانه بأنه (لا يُسْمِنُ وَلا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ) أي أنه لا تتقبله الأجسام ، ولا تتفاعل معه ، كما أنه لا يشبع جوع الجياع .. ولو كان معروفا عند العرب ، لما وصف هذا الوصف الكاشف!.
قوله تعالى :
(وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناعِمَةٌ* لِسَعْيِها راضِيَةٌ* فِي جَنَّةٍ عالِيَةٍ* لا تَسْمَعُ فِيها لاغِيَةً) ..
وهذا من حديث الغاشية أيضا ..
فإذا كان من معارض يومها ، وجوه خاشعة ، عاملة ، ناصبة ـ فإن من معارضها ، كذلك ، وجوه ناعمة ، لسعيها راضية ، فى جنة عالية ..
والوجوه الناعمة ، هى التي ترى عليها نضرة النعيم ، وبشاشة الرضوان ، فترقرق على صفحتها وضاءة البشاشة ، ويجرى فى أديمها رونق البهاء ، والصفا .. ولم تعطف هذه الوجوه على ما قبلها ، مع أنها من حديث الغاشية ، ليكون ذلك عزلا لها عن تلك الوجوه المنكرة ، العاملة ، الناصبة ، التي تصلى نارا حامية .. فهذه وجوه ، وتلك وجوه ، ولا جامعة بينهما ، إذ فريق فى الجنة وفريق فى السعير ..
وقوله تعالى : «لسيعها راضية» .. أي راضية لأجل سعيها الذي قدمته بين يديها .. فاللام هنا للتعليل ..