أي والله سبحانه وتعالى لا يشقّ عليك أيها النبىّ ، ولا يكلفك ما لا تطيق ، فهو ميسر لك أمرك جميعه ، ومن أولى دلائل اليسر أنه أعانك على حفظ القرآن وتثبيته فى صدرك ، فلا يذهب شىء منه .. ومن تيسيره عليك أنه جعل الشريعة التي أنت داع إليها وقائم بها شريعة يسر وسماحة ، لا حرج فيها ، ولا إعنات ، كما يقول سبحانه : (وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) .. (٧٨ : الحج)
قوله تعالى :
(فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرى) ..
أي وبهذه الشريعة السمحاء ادع الناس إليها ، وذكّر بها ، ووجه القلوب والعقول إلى الله بها ..
وقوله تعالى : (إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرى) ـ إشارة إلى أن يذكّر النبىّ ما وجد للذكرى نفعا ، والذكرى لا تخلو من نفع أبدا ، فإنها إذا لم تجد فى الناس من يستجيب لها ، وينتفع بها ، فإنها واجدة فيهم أيضا من يستجيب وينتفع ، وهذا ما يشير إليه قوله تعالى : (وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ) (٥٥ : الذاريات). وهذا يعنى أن النبىّصلىاللهعليهوسلم لا يتخلّى عن مهمة التذكير أبدا .. فقيد الأمر بالتذكير ، بنفع الذكرى قيد لازم ، ومن لزوم هذا القيد أن يكون النبىّ مذكّرا بدعوته دائما ، لأن مع كل ذكرى نفعا ، وما دام النفع معها ، فهى مطلوبة من النبىّ أبدا ، وهو مذكر أبدا ..
وقد اضطرب المفسرون فى تأويل هذه الآية ، وفى تأويل القيد الوارد عليها فى هذا الشرط : (إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرى) ، وبدا لهم من ذلك أن النبىّ لا يذكّر إلا فى حال يكون فيها للذكرى نفع ، فإن لم يكن فيها نفع ، فلا تذكير!! والنبىّ مطلوب منه أن يذكّر دائما نفعت الذكرى أو لم تنفع .. فكيف يتفق