كانوا (إِذا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا) أي استجيبوا لله وأسلموا له (لا يَرْكَعُونَ) أي لا يسمعون ، ولا يستجيبون ، عنادا ، واستكبارا ، وضلالا .. فالويل والبلاء يومئذ للمكذبين .. وهؤلاء فريق منهم.
وفى العدول عن الخطاب إلى الغيبة ، استدعاء لغيرهم أن يشهد موقفهم هذا الآثم ، وأن ينكره عليهم ، ويتلقى منهم عبرة وموعظة ، فلا يقع تحت طائلة هذا التهديد الذي هدّدوا به ..
قوله تعالى :
* (فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ)
إنكار لموقف هؤلاء المشركين من دعوة الحق التي دعوا إليها ، والتي حملها إليهم القرآن الكريم ، الذي يتلوه عليهم رسول كريم .. وأنهم إذا لم يؤمنوا بهذا القرآن ، ولم ينكشف لهم على ضوئه طريق الهدى والإيمان ، فبأى حديث إذن بعد هذا الحديث يؤمنون؟ وبأى نور بعد نوره يبصرون؟ إنهم إذا لم يهتدوا بهذا القرآن فلن يهتدوا أبدا ، ولن يجدوا إلى نور الحق سبيلا ..
هذا ، وقد تكرر فى السورة الكريمة قوله تعالى : (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) ـ عشر مرات ، وكلها تدعّ المكذبين الضالين دعّا ، وتلقاهم على رأس كل مرحلة من مراحل مسيرتهم إلى جهنم ، بالويل والثبور ، وترجمهم باللعنات ، تصبها على رءوسهم صبّا ..
وأكثر من هذا ، فإنهم وهم يساقون إلى جهنم ، وإذا يلقون فى جحيمها ، ويستظلون بظلها ذى الثلاث شعب ـ يجيئهم حديث عن أهل الجنة ، وما يلقون فيها من نعيم ، فإذا صرفت أبصارهم تلقاء أصحاب الجنة ، ردّوا عنها بهذه الصاعقة يرمى بها فى وجوههم : (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) انهم ليس لهم إلا الويل ، يأتيهم من كل لسان ، وفى كل مقام.
تم الجزء التاسع والعشرون ، ويليه الجزء الثلاثون .. إن شاء الله