هو دعوة لأهل الجنة إلى هذه الموائد الممدودة لهم وما عليها من نعيم الجنة وثمارها .. فليأكلوا ما طاب لهم ، وليهنئوا بما أكلوا وما شربوا ، فهذا جزاء ما كانوا يعملون .. إنه الجزاء الذي أعده الله لأهل الإحسان من عباده.
وفى هذا العرض للمتقين ، وفى هذه الدعوة التي تستحثهم على الطعام والشراب ـ كبت للمكذبين الضالين ، وإثارة للحسد الذي يأكل قلوبهم ، إن كان ثمّة بقية لم تأكلها نار جهنم ..
قوله تعالى :
* (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ* كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلاً إِنَّكُمْ مُجْرِمُونَ ..* وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ).
هو مواجهة للمكذبين الضالين ، وهم فى أماكنهم من دنياهم ، وما هم فيه منها من لهو ولعب ، إنه ليس لهم إلا الويل ، والبلاء .. فليأكلوا ، وليتمتعوا فى دنياهم بما شاءوا .. إنهم مجرمون ، يأكلون ويتمتعون كما تأكل الأنعام ، ثم تساق إلى الذبح .. وهذا ما يشير إليه قوله تعالى : (وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَما تَأْكُلُ الْأَنْعامُ وَالنَّارُ مَثْوىً لَهُمْ) (١٢ : محمد)
فمن كانت النار تنتظره ، كيف يهنؤه طعام ، أو يسوغ له شراب؟
وفى قوله تعالى : (قَلِيلاً) إشارة إلى أن هذا المتاع الذي ينا المشركون فى الدنيا .. هو ـ مهما كثر ـ متاع قليل ، لا يلبث أن يزول معبا وراءه يلاء طويلا ، وعذابا دائما. وقوله تعالى : (إِنَّكُمْ مُجْرِمُونَ) هو تعليل لهذا الوعد من قوله تعالى : (كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلاً) .. وهذا مثل قوله تعالى : (قُلْ مَنْ كانَ فِي الضَّلالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمنُ مَدًّا) (٧٥ : مريم)
قوله تعالى :
* (وَإِذا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لا يَرْكَعُونَ. وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ)
هو معطوف على قوله تعالى : (إِنَّكُمْ مُجْرِمُونَ) ومن إجرامهم أنهم