إليه اجتهاده .. وهنا لا بأس أن يختلف المفسرون ، إذ ليس قول أحدهم حجة على الآخرين .. وذلك على خلاف ما إذا نسب التفسير إلى أحد من صحابة رسول الله ، صلىاللهعليهوسلم ، فإنه إذا ثبتت نسبته إليه كان حجة علينا.
والرأى الذي نرتضيه من آراء المفسرين فى تفسير كلمة «المرسلات» هو القول بأنها الرياح ، فقد جاءت كلمة «العاصفات» بعدها قرينة قوية على أنهما من مورد واحد ، وإن اختلفا قوة وضعفا ..
فقد جاء فى القرآن الكريم وصف الريح بهذا الوصف ، فقال تعالى : (وَلِسُلَيْمانَ الرِّيحَ عاصِفَةً) (٨١ : الأنبياء) .. والقرآن يفسر بعضه بعضا ، ويشهد بعضه لبعض ..
وهناك قرينة أخرى ، وهى أن القرآن الكريم قد أكثر من لفظ أرسل ، ويرسل عند الحديث عن الرياح ، كما يقول سبحانه : (وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ) (٥٧ : الأعراف) وقوله سبحانه : (وَأَرْسَلْنَا الرِّياحَ لَواقِحَ) (٢٢ : الحجر) وقوله تبارك اسمه : (فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قاصِفاً مِنَ الرِّيحِ فَيُغْرِقَكُمْ) (٦٩ : الإسراء) ..
فقوله تعالى : (وَالْمُرْسَلاتِ عُرْفاً) هو قسم بالرياح المرسلة من عند الله ، فى هبوب دائم ، على الوجه المعروف للناس من الرياح ..
وقوله تعالى :
* (فَالْعاصِفاتِ عَصْفاً) ..
هو حال من أحوال الرياح ، حين يشتدّ هبوبها ، فتتحول إلى عواصف ..