صلوات الله وسلامه عليه ـ إنما يسمع كلام الله سبحانه وتعالى له ، من خلال جبريل ، أي أن جبريل عليهالسلام يكون أشبه ـ مع المفارقة البعيدة فى صورتى التشبيه ـ بجهاز استقبال وإرسال معا .. يتلقى كلام الله سبحانه وتعالى ، فتنطبع عليه صورته ، ثم يذيعه كما انطبع عليه ..
ولهذا كان يسمع النبي ـ الوحى ـ فى تلك الحال ـ كصلصلة الجرس ، أي أنه يأت يه من جميع الجهات ، لأن المتكلم به هو الله سبحانه ، ولو كان جبريل هو المتكلم بالقرآن لسمع النبي كلامه من جهة واحدة ، كما كان يحدث فيما يوحى به جبريل من أحاديث قدسية ، أو أحاديث نبوية .. والله أعلم.
هذا ، وبعد أن فرغت من تقرير هذا الرأى ، اطلعت على رأى لعالم جليل من علماء سلفنا الصالحين ، هو الدباغ ، فى كتابه «الإبريز» الذي تلقاه عن ابن المبارك .. وفى هذا الرأى يذكر الدباغ فروقا دقيقة بين القرآن الكريم ، والحديث القدسي ، والحديث النبوي ، ومن هذه الفروق تتبين الأحوال التي كان عليها النبي ، وهو يتحدث بالقرآن ، أو بالحديث القدسي ، أو الحديث النبوي.
وقد رأينا أن ننقل كلمات الدباغ (١) ، لأنها تلقى أضواء كاشفة على موضوعنا هذا ، الذي قررنا فيه أسلوب الوحى القرآنى ، وكيف كان يوحى به إلى النبي ..
سئل الدباغ عن الفرق بين القرآن ، والحديث القدسي ، والحديث النبوي .. فقال :
«الفرق بينها ، وإن كانت كلها خرجت من بين شفتيه صلىاللهعليهوسلم ، وكلها معها أنوار من أنواره صلىاللهعليهوسلم ـ أن النور الذي فى
__________________
(١) نقلا عن كتاب : «مع الفكر الإسلامى فى بعض قضاياه» ـ للعالم الرباني الأستاذ محمد شاهين حمزة