قال : أن تؤمن بالله وملائكته وكتابه ، ورسله ، وتؤمن بالبعث ، وتؤمن بالقدر كله» قال صدقت! قال يا رسول الله : «ما الإحسان؟ قال : أن تعبد الله كأنك تراه ، فإنك إن لا تكن تراه فإنه يراك! .. قال صدقت ، ثم قام الرجل ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ردّوه علىّ» فالتمس فلم يجدوه ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «هذا جبريل ، أراد أن تعلّموا إذ لم تسئلوا»!
ومن ذلك أيضا ، ما روى من أن النبىّ صلىاللهعليهوسلم ، دعا الناس ، فقال هلّموا إلىّ ، فأقبلوا إليه ، فقال : «هذا رسول رب العالمين ، جبريل ، نفث فى روعى أنه لا تموت نفس حتى تستكمل رزقها ، وإن أبطأ عليها ، فاتقوا الله ، وأجملوا فى الطلب».
ولا يعترض على هذا بما كان من أول لقاء لجبريل مع النبىّ فى غار حراء ، وأنه جاءه ـ كما يقال ـ فى صورة بشرية ، وأنه أقرأه قوله تعالى : (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ، خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ ، اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ ، الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ ، عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ) ـ فكيف إذن يتفق هذا مع القول بأن الوحى القرآنىّ إنما كان ينزل به جبريل على النبي فى صورته الملكية ، دائما ، وفى جميع الأحوال؟
وردّنا على هذا ، أن جبريل إذا كان فى أول لقاء له مع النبىّ ، قد جاء فى صورة بشرية ـ فإنه لم يلقه بالقرآن من أول الأمر ، وإنما الذي حدث ـ كما هو ثابت فى تاريخ القرآن ـ أن جبريل دعا النبي إلى أن يقرأ ، فقال له : «اقرأ» .. هكذا قراءة مطلقة ، وأن النبي أجابه الجواب الذي تقتضيه داعية الحال ، فقال : «ما أنا بقارئ» .. وهكذا تردد الأمر بين جبريل والنبي ، ثلاث مرات ، فلما