كذلك جاء ، الوحى إلى لوط عليهالسلام ، فى صورة هؤلاء الضيف الذين نزلوا على إبراهيم .. وفيهم يقول لوط لقومه : (إِنَّ هؤُلاءِ ضَيْفِي فَلا تَفْضَحُونِ. وَاتَّقُوا اللهَ وَلا تُخْزُونِ) (٦٨ ـ ٦٩ : الحجر) .. ويقولون هم ـ أي الملائكة ـ الوط : (يا لُوطُ .. إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ) ..
وإذا كان من الرسل من تلقّى الوحى على صورة أشبه بالصورة التي تلقى عليها النبي كلمات ربه ـ فهو موسى عليهالسلام ..
ونقول أشبه بالصورة التي تلقّى عليها النبىّ كلمات ربّه ، ولا نقول مثلها ، لأن موسى ـ عليهالسلام ـ كان يسمع من ربّه حقائق المعاني التي يلقيها إليه ، ثم يصوغها هو فى الألفاظ التي يراها مناسبة لها .. ولهذا ، فإنّ موسى ـ وإن أخذه جلال التجلي لكلمات الله عليه .. فإن ذلك كان أخفّ عليه وطئا مما كان يأخذ النبىّ صلوات الله وسلامه عليه ، لأنّ النبىّ مع وقوعه تحت سلطان هذا التجلّى ، كان واقعا من جهة أخرى تحت غشيان الرّوح السماوىّ له ، وتلبسه به ، ونقل كلمات الله إليه .. فالنبىّ هنا واقع تحت سلطان التجلّى من الله سبحانه وتعالى عليه ، وتحت تلبّس الملك السماوىّ ـ جبريل ـ به .. ولهذا كان عليه الصلاة والسلام ، يعانى من شدّة الوحى أكثر مما كان يعانى موسى عليهالسلام .. أما الشريعة الموسوية ، فقد تلقاها موسى عليهالسلام مكتوبة فى الألواح ..
وما كنّا نريد أن نذهب إلى هذا الذي ذهبنا إليه فى مفهومنا لتلك الآيات مخالفين بذلك أكثر المفسرين ، فى فهمها على غير هذا الفهم.
ثم ما كنا نريد أن نذهب إلى أبعد من هذا الذي ذهبنا إليه .. ولكن الأمر ليس إلينا ، ونحن بين يدى آيات الله .. إنها هى التي تشدنا إليها ،