وهذا يعنى أن الرسول ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ إذ يتلقى آيات الله ، من جبريلعليهالسلام ، يجد فيها نداء الحق سبحانه وتعالى له ، ويسمع خطابه سبحانه وتعالى إليه ..
ونقول ـ والله أعلم ـ إن النبي ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ حين كان يوحى إليه بآيات الله ، يسمع ما يوحى إليه لفظا من جبريل ، ومعنى من الله سبحانه وتعالى .. وعلى هذا المعنى يكون الضمير «نا» فى قوله تعالى : «قرأناه» عائدا إلى الله سبحانه وتعالى ، وإلى جبريل ، أي أن الحق سبحانه وتعالى يقول للنبى : إذا قرأت القرآن عليك بمعناه ، وقرأه جبريل عليك بألفاظه ، فلا تعجل بتحريك لسانك. بترجمة هذه المعاني إلى ألفاظ ، بل تمهل وخذ الألفاظ التي يلقيها عليك جبريل ، حتى تتحقق الصورة الكاملة ، للمطابقة بين اللفظ والمعنى!!.
وعلى هذا المعنى يكون قوله تعالى : (فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ) أي اتبع قراءة رسول الوحى جبريل ، وقف عند حدود الألفاظ التي يلقيها إليك ، ولا تتازعه بما يسبق إليه خاطرك من كلمات تريد أن تمسك بها من هذه المعاني التي قذفها الله سبحانه وتعالى فى قلبك ، قبل أن تفلت منك ..
وهذا المعنى الذي ذهبنا إليه ، هو معنى لا نظن أحدا من المفسرين قد التفت إليه ، على كثرة ما توارد على هذه الآية من مختلف الآراء ..
فنرجو أن يكون هذا الرأى أقرب إلى الحق ، وأدنى إلى الصواب ..
ولعل هذا يفسر لنا تلك الحال التي كانت تعرو النبي فى أثناء الوحى ، وما كان يغشاه من شدة ، حتى إن جبينه ليتفصد عرقا فى اليوم الشديد البرد كما تقول السيدة عائشة رضى الله عنها!!