الله قرضا حسنا .. (ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ) ـ وإن كان لكل محسن جزاء ما قدم من إحسان ، كلّ على قدر ما أعطى ..
والقرض الحسن ، هو الذي لا منّ فيه ولا أذّى ، والذي يكون من طيبات ما كسب الإنسان ، كما يقول سبحانه : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّباتِ ما كَسَبْتُمْ) (٢٦٧ : البقرة) وكما يقول سبحانه : (وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ) (٢٦٧ : البقرة).
وقوله تعالى : (وَما تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللهِ هُوَ خَيْراً وَأَعْظَمَ أَجْراً) ـ هو تعقيب على الأمر بإقام الصلاة وإيتاء الزكاة ، وإقراض الله قرضا حسنا .. فهذه كلّها طاعات ، وقربات يتقرب بها إلى الله ، وهى كلّها خير مدخر لصاحبه عند الله ، يجده عند الحاجة إليه يوم الحساب والجزاء ـ خيرا من هذا الخير ، قدرا ، وأعظم أجرا ..
قوله تعالى : (وَاسْتَغْفِرُوا اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) .. أي ومع إقامة الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، وإقراض الله قرضا حسنا ، فإن العبد لا يزال مقصرا فى حق ربه ، مهما بلغ من طاعة ، ومهما قدم من خير ـ فإن ذلك كله لا يفى ببعض نعم الله على الإنسان .. فليستشعر المؤمن هذا أبدا ، وليكن على علم بأنه مقصر فى حق ربه ، وأنه لا ملجأ له لتلافى هذا النقص ، إلا طلب المغفرة ، والرحمة من ربه .. والله سبحانه (غَفُورٌ رَحِيمٌ) يغفر للمستغفر ، لأنه رحيم يرحم من طلب الرحمة لنفسه ، وسعى إلى إقالتها من عثراتها ..
* * *