فهؤلاء الجماعة من المؤمنين ، لن يظلوا على تلك الحال التي هم عليها .. بل إنه ستعرض لهم أحوال أخرى ، تلجئهم إلجاء إلى عدم الوفاء بهذا الالتزام ، كالمرض ، أو السفر في تجارة ونحوها ، أو القتال فى سبيل الله ، الذي سيشهده بعضهم إن لم يكونوا شهدوه فعلا .. ثم كان هذا التخفيف عاما لجميع المؤمنين ، حيث يتاح لهم جميعا أن يأخذوا بحظهم من قيام الليل ، ولو لحظات منه ..
وفى ذكر القتال فى سبيل الله هنا ، نبأ من أنباء الغيب ، بما سيلقى المؤمنون على طريق الإيمان من جهاد فى سبيل الله ، ومن قتال بينهم وبين المحادّين لله ، والصادّين عن سبيل الله .. وذلك على أن الآية مكية ، كما يقول بذلك بعض العلماء ..
وقوله تعالى : (فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنْهُ) هو توكيد لقوله تعالى : (فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ) وفى هذا تطمين لقلوب المؤمنين الذين دعتهم الآية الكريمة إلى التحول عن هذا الموقف الذي ألزموه أنفسهم ، من قيام الليل .. فهو أمر يكاد يكون ملزما بالتخفيف. فما أبرّ الله بعباده ، وما أوسع رحمته لهم ، فسبحانه ، سبحانه ، من ربّ برّ رحيم ..!!
قوله تعالى : (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَأَقْرِضُوا اللهَ قَرْضاً حَسَناً). أي وحسبكم مع قراءة ما تيسر من القرآن ، وقيام ما تيسر لكم من الليل ـ حسبكم ـ مع هذا ـ أداء ما افترض الله عليكم من إقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ..
وقوله تعالى : (وَأَقْرِضُوا اللهَ قَرْضاً حَسَناً) هو دعوة إلى التصدق والإنفاق تطوعا ، دون أن يقدّر ذلك بقدر معين ، فهو أمر موكول إلى الإنسان ، وما تسمح به نفسه .. إنه أشبه بقراءة ما تيسر من القرآن ، الذي يتسع لآيات معدودات ، كما يتسع للقرآن كله .. فمن تصدق بالقليل ، فقد أقرض