قيل إن قراءة ما تيسر من القرآن ، يجزىء فيها قراءة مائة آية ، وقيل أقل من هذا ، إلى عشر آيات .. وفى هذا اليسر ، ما يمكّن للمؤمنين ـ كما قلنا ـ من لقاء الله سبحانه وتعالى على ذكره ، لقاء واعيا ، يقظا ، تنشط له أعضاء الإنسان كلها ، ويحضره وجوده جميعه ، فى غير تكاسل ، أو فتور ، أو غفلة .. وهذا يعنى أن العبادة ليست كيلا يكال بكمّه ، ويقدّر بكثرته .. وإنما هى صلة روحية بالله ، تكفى فى تحقيقها شرارة منطلقة من قلب سليم ، فيتوهج بنور الحق ، ويتصل بنور الله ، الذي هو نور السموات والأرض ..
وقوله تعالى : (عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضى ، وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللهِ ، وَآخَرُونَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ) ..
هذا بيان للسبب الذي من أجله أحلّ الله المؤمنين من هذا الإلزام الذي ألزموا به أنفسهم ، وهو أنهم لن يستطيعوا أن يقوا بهذا الالتزام على وجهه ، لأنه سيكون منهم من يمرض ، ويكون منهم من يضرب فى الأرض ابتغاء الرزق ، ويكون منهم من يقاتل فى سبيل الله .. وهذه كلّها معوقات تعوق عن أداء هذا الإلزام على وجهه .. وهذا من شأنه أن يوقع المقصّر منهم ـ بعذر من هذه الأعذار ـ فى حرج ، ويقيمه مقاما قلقا مضطربا ، ويوقع فى نفسه كثيرا من مشاعر الأسى والحسرة ..
وهنا سؤال ، هو :
إذا كان قيام الليل بالنسبة لمن قاموه من جماعة المؤمنين ، هو على سبيل التطوع ، فكيف يجد المؤمن حرجا فى أنه لم يقم الليل ، لمرض ، مثلا؟ أليس هذا عذرا ، قد يسقط عنه بعض الفرائض ، والواجبات ، فكيف بالتطوع ، والنافلة؟