صفة لله ، بمعنى والله المقدر لليل والنهار .. ويكون قوله تعالى : (عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ) خبرا للفظ الجلالة .. بمعنى : والله المقدر لليل والنهار علم أن لن تحصوا الثناء عليه ، مهما امتد الزمن بكم ، وطال الليل أم قصر ..
وقوله تعالى : (فَتابَ عَلَيْكُمْ) .. الفاء السببية ، أو التفريع .. أي علم الله أنكم لن تحصوا الثناء عليه (فَتابَ عَلَيْكُمْ) أي فقبل منكم هذا التقصير ، قبول التائب من ذنبه ، فيرفع عنه وزره ، ويغسل ذنوبه كما يغسل الثوب مما علق به.
وفى التعبير عن رفع الحرج عن المؤمنين فى قيام الليل ، على ما جاء فى قوله تعالى : (قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلاً* نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً* أَوْ زِدْ عَلَيْهِ) ـ فى التعبير عن هذا بالتوبة ، مع أن هؤلاء المؤمنين لم يأتوا ذنبا ، إن كان منهم تقصير فى قيام الليل ، لأن قيام الليل لم يكن فرضا عليهم ، وإنما كان مندوبا ومستحبّا ، اقتداء بالنبي ، وتأسيّا به ، وترسما لخطاه ـ فى التعبير عن هذا بالتوبة ، إشارة إلى لطف الله بالمؤمنين ، وإكرامه لهم ، وأنهم ـ وإن كانوا يأتون أمرا لهم فيه سعة ـ فإن إلزام أنفسهم به ، يقتضيهم أن يؤدوه كاملا على الوجه المرسوم له .. تماما كأفعال المتطوع ، فى العبادات من صوم ، وزكاة وكالنذر ونحوه .. فإن المؤمن إذا ألزم نفسه شيئا من هذا ، وجب عليه أن يؤديه كاملا ، مستوفيا جميع أركانه ، آخذا كل صفاته .. إنه عقد عقده الإنسان مع ربه ، وأن أي خلل فى أركان هذا العقد ، هو نقض له .. والله سبحانه وتعالى يقول : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) (١ ـ المائدة)
ومن جهة أخرى .. فإن التهاون ، والاستخفاف بما يأتيه المؤمن ـ