وثالثا : أن دورة الأرض ، وهى الكوكب الذي نعيش عليه ، هى دورة من الغرب إلى الشرق ، وليست من الشمال إلى الجنوب ، أو من الجنوب إلى الشمال .. ولذا فإن في حركتها تلك لا يظهر إلا وجه المشرق ، ووجه المغرب ، جامعين كلّ شمال وكل جنوب يقع في محيطهما ..
وقوله تعالى : (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلاً) .. أي أنه سبحانه هو المتفرد بالسلطان على الوجود ، لا يشاركه أحد ، ولهذا كان التعلق به وحده ، والتوكل عليه وحده ، هو الطريق إلى السلامة ، والنجاة ..
وفى قوله تعالى : (فَاتَّخِذْهُ وَكِيلاً) إشارة إلى تفويض الأمر لله وحده ، وجعله سبحانه هو الوكيل الذي يكل إليه الإنسان أموره ، ويفوّض له التصرف فيها ..
ووكالة الله سبحانه وتعالى للإنسان ، هنا ، هى وكالة عن اختيار وطواعية ، وعن ثقة فى الله ، وإقرار بالعجز من العبد عن أن يكون له تصريف فى أي شىء إلا بما قضى الله سبحانه وتعالى له به ، وقدّره .. وهذا هو الإيمان فى حقيقته ، وفى أكمل صوره ، وتلك حال المؤمنين حقا فى صلتهم بالله ، وفى تعاملهم مع الله ..
أما غير المؤمنين بالله ، الذين لا يتوكلون عليه ، ولا يفوضون أمورهم إليه ـ فإنهم مقهورون تحت سلطان الله ، وفى إجراء مقاديره عليهم .. ويستوى فى هذا المؤمنون ، وغير المؤمنين .. ولكن الفرق بين المؤمنين وغير المؤمنين ، هو فى أن المؤمنين قد امتلأت قلوبهم طمأنينة ورضا بهذا العقد الذي عقدوه مع ربهم ، فى تفويض أمورهم إليه ، وإلقائها بين يديه ، وهذا من شأنه أن يقيمهم على رضا دائم بما يقع لهم ، فلا يرون فيما صنعه الوكيل لهم إلا الخير ، والإحسان ، سواء أكان ذلك مما يسرّ الناس أو يسخطهم ، ومما يرونه خيرا أو شرّا ..