وعلى هذا يكون قوله تعالى : (إن ناشئة الليل هى أشد وطئا وأقوم قيلا) هى دعوة إلى النبي ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ إلى أن يمدّ فى قيام الليل ، حتى يبلغ الفجر ، ليلتقى مع هذا الوقت المبارك المشهود ، وإن كان فى السهر ، ومغالبة النوم ما تشتد وطأته عليه .. ولهذا جاء بعد ذلك قوله تعالى : (وأقوم قيلا) ليكون خيرا مرصودا ينتظر النبىّ على نهاية الليل الذي قطعه قياما ، وترتيلا ، وبهذا يشتد عزمه ، وتشتد رغبته فى السهر ليلتقى مع هذا الخير الذي هو على موعد معه هناك .. مع الفجر!
وعلى هذا التأويل ، يكون القول بأن ناشئة الليل ، هى آخر الليل ، أولى عندنا مما قلناه من أنها أول الليل .. والله أعلم ..
وقيل إن ناشئة ، الليل ، هو ما يتجدد فيها من ساعات ، ينشأ بعضها إثر بعض ، وعلى هذا تكون شاملة الليل كله باعتبار ظرفا طيبا للعبادات والطاعات ، وذلك لخلو النفس فيه من الشواغل التي تشغلها بالنهار ..
قوله تعالى :
* (إن لك فى النهار سبحا طويلا) ..
السبح : الحركة ، المطلقة ، المتحررة من القيود .. ومنه يقال الفرس السريع الجري : سابح ، وقد أقسم الله سبحانه بالسابحات ، فقال سبحانه :
(والنازعات غرقا* والناشطات نشطا* والسابحات سبحا) (١ ـ ٣ : النازعات) ..
ومنه التسبيح ، وهو إطلاق اللسان بذكر الله ..
وهذه الآية بيان لسبب آخر من أسباب دعوة النبىّ مجاهدة نفسه أولا ، وتدريبها على ركوب الصعاب من الأمور ، حتى يستطيع أن يستقل بحمل القول