قوله تعالى :
* (قُلْ إِنَّما أَدْعُوا رَبِّي وَلا أُشْرِكُ بِهِ أَحَداً) ..
هو توجيه من الله سبحانه للنبىّ الكريم ، بما يلقى به قومه الذين كادوا يكونون عليه لبدا .. فهو إذ يراهم وقد صاروا عصبا عليه ، قد اجتمعوا على عداوته والكيد له ـ إذ يراهم على تلك الحال ، يقول لهم : (إِنَّما أَدْعُوا رَبِّي وَلا أُشْرِكُ بِهِ أَحَداً) .. فهذه هى دعوتى .. فماذا تنكرون منها؟ وماذا تنكرون من الذين يعبدون ما أعبد؟ إنها دعوة لا إكراه فيها ، فمن قبلها ، فذلك من شأنه هو ، ومن أعرض عنها ، واتخذ سبيلا غيرها ، فذلك من شأنه أيضا .. فلم إذن تصدّون الناس عن سبيل الله؟ ولم لا تتركون الناس وما اختاروا ، كما تركتم أنتم وما اخترتم؟
قوله تعالى :
* (قُلْ إِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا رَشَداً* قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً).
هو من قول النبي المشركين ، فهو إذ يعبد ربّه ، ويوجه إليه وجهه ، وحده ، لا شريك له ، فإنه لا يملك المشركين ضرّا ، ولا رشدا .. وإنما ذلك إلى الله وحده. (فَمَنْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّما يَصَّعَّدُ فِي السَّماءِ) (١٢٥ : الأنعام).
وفى مقابلة الضرّ بالرشد ، إشارة إلى أن الضر لا يكون إلا عن متابعة الهوى ، واتباع أهل الضلال ، كما أن الخير ، لا يكون إلا من ثمرات الهدى ، والاستقامة والتقوى .. وهكذا تقع المقابلة بين الضرّ والرشد ، وقوعا يشمل الظاهر والباطل جميعا ..