والمتاع ، ولكن هذا الرزق هو فتنة لهم ، أي امتحان وابتلاء .. فإن هذا الرزق عبء ، قد يؤودهم حمله ، وقد يقصم ظهورهم ، إذا هم لم يحسنوا سياسته ، ولم يحفظوا أنفسهم من إغرائه ، ويؤدوا حقّ الله فيه .. وهذا مثل قوله تعالى : (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ) (٩٦ : الأعراف).
هذا ، وقد قرن الله سبحانه الإيمان بالتقوى ، وذلك ليكون للإيمان هذه الثمرة الطيبة التي يبارك الله بها الرزق ، وينمّيه ، ويملأ قلوب المتقين أمنا وسكينة ورضا ..
فالتقوى ، إذا خالطت قلب إنسان ، رفرفت عليه أعلام السلام ، وإذ دهرت فيه مغارس الخير ، فوجد القليل كثيرا ، والشرّ خيرا ، والفقر غنى .. إنه فى رضا دائم ، وفى حبور لا ينقطع .. فمن استقام على طريق الحقّ ، فهو فى عيشة راضية ، وفى سعادة غامرة ، وإن لم يكن بين يديه من حطام الدنيا إلا لقيمات ، يتبلّغ بها .. إنه يجد من نور الإيمان ، ومن ثمرات التقوى ، أنه قد حاز الخير كله ، وحصل من الحياة أكرم جواهرها ، وأغلى ما يعرض فى سوقها.
وقوله تعالى : (وَمَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذاباً صَعَداً) إشارة إلى أن من يبتعد عن الله ، ويأخذ طريقا غير طريق الهدى ، فإنه لن يجد الأمن والسلام أبدا ، ولو اجتمع بين يديه ما يشاء من مال وبنين .. بل إنه سيتقلب فى أحوال شتّى من القلق والهمّ ، ويتنقل من سيىء إلى أسوأ ، حيث تنمو هذه العلل ، وتتضاعف هذه الآلام ، مع الزمن ، حتى تبلغ غايتها ، حين يذهب كل شىء كان فى يده ، من قوة ، وشباب ، ومال ، وأصحاب ، ثم يقطع الموت فى نهاية الأمر ، ما بينه وبين كل ما معه من أسباب ، وإذا هو فى موقف الحساب